للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحمد بن محمد البَققي المصري، إلَّا أن الميموني لم يُقتل، وهذا قُتِلَ باجتهاد علي بن مخلوف النُّويري المالكي القاضي، وقيامه في ذلك، وكان الفتحُ يكثرُ الوقيعة فيه.

واتَّفق لصاحب التَّرجمة أنه عُقد مجلس بسبب شخص وقع في بعض الأئمة، وراموا تكفيره فعاكسهم، وقرر مسألة سابِّ الصَّحابي، فكان ذلك سببًا للكفّ عن قتله، وقد قال في "فتح الباري" ما نصُّه: اختلف في سابِّ الصَّحابيِّ، فقال عياض: ذهب الجمهورُ إلى أنَّه يُعزَّر، وعن بعض المالكية: يُقتل، وخصَّ بعضُ الشَّافعية ذلك بالشيخين والحسن والحسين، فحكى القاضي حسين في ذلك وجهين، وقوَّاه السُّبكي الكبير في حقِّ مَنْ كفَّر الشَّيخين، وكذا مَنْ كفَّر مَنْ صرَّح النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بإيمانه، أو تبشيره بالجنة، إذا تواتر الخبرُ بذلك عنه، لما تضمَّن مِنْ تكذيب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. نسأل اللَّه السلامة.

ومنه أنَّه تكلَّم مع السُّلطان في أن لا تُطفأ القناديلُ في رمضان إلَّا قُبيل طلوع الفجر، لما يحصُل مِنَ الإجحاف بالنَّاس ممَّن ينامُ ثمَّ يستيقظ وهو عطشان، حيث يمتنع عَنِ الشرب ظنًّا منه أنَّ ذلك حَرُمَ، فوافق السُّلطان على ذلك ثم عُقد مجلس بسببه، فاتَّفق مَنْ حضر على أنَّه يترتَّبُ على ذلك أنْ يغلطَ مَنْ كان يعرفُ العادة المستمرَّة، فيبطل صومُه، فتوقَّف الأمرُ، واستمرت العادة، وكان ممَّن قام في الشِّقِّ الثاني: العلامة شهاب الدين بن المجدي.

وكان مقصِدُ شيخنا جميلًا، لا سيما وقد صحَّ: "لا يزال النَّاسُ بخير ما عجَّلوا الفطر وأخَّروا السَّحور". وقد قال رحمه اللَّه في "فتح الباري": مِنَ البدع المنكرة ما أحدث الناسُ في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان وإطفاء المصابيح التي جعلت علامةً لتحريم الأكل والشُّرب على مَنْ يريد الصِّيامَ، زعمًا ممَّن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة (١)، ولا يعلم بذلك إلَّا آحاد الناس، وقد جرَّهم ذلك إلى أن


(١) في (أ): "العادة", تحريف.