للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما بعد، فإنني نظرتُ في هذا الكتاب الذي حَسُنَ موقعه من ذوي الأبصار والبصائر، وشَرُفَ موضعه لما اشتمل عليه مِنَ النَّفائس والذخائر، وعظُمَ موضعُه حتى صحَّ قولهم: كم ترك الأول للآخر، فشكرتُ همَّة مؤلفه الباهر، وصرفتُ الفكرة إلى الثَّناء على تصرُّفاته الزاهرة، فلقد مزج الشَّرح بالمتن على الطَّريق التي قلَّ من ينهض بوافي حقها حتَّى تُشرِقَ أنوارُ فكرته في نواحي أفقها، وتعزّ من يسير فيها مستقيمًا إذا اشتبهت عليه تشعُّبات طرقها.

فاللَّه تعالى يُبقيه للأصول يحفظُها على طالبيها، وللفروع يستنبطُها مِنْ قواعدها، حتَّى يقرِّب ثمارَها مِنْ جانيها، وقد حُقَّ له أن يُقرىء هذا الشرح وأصله، ويوصل سبب الطالب بسببه، حتى يقوى ببلوغ مراده حبلُه، فلذلك أذنتُ له أن يُقرىء العلوم الشرعية أصولًا أركانها ثابتة يقرِّبُ إلى أفهام الطالبين وصولها، ويقعِّدُ قواعدها محصلها وحاصلها ومنتهاها وسُؤلها، وفروعًا (١) يقتطف ثمارها الدانية منه كلُّ مَنْ رام يبلغ نفسه مأمولها، إلى غير ذلك مِنَ العلوم الآلية التي تاجُها فنونُ اللغة العربية التي يصلح معها اللسان مِنَ الزَّلل، وزَينُها الذي يسلم به الذهن السليمُ مِنَ الخلل، واللَّه يُسبغُ عليه مِنْ نعمه إفضالًا، ويزيده مع إمامته (٢) الكاملية كمالًا وجلالًا.

[[تقريظ الأربعين لجلال الدين البلقيني]]

ومنه ما كتب به على "أربعي القاضي جلال الدين البلقيني تخريج الشيخ رضوان":

وقفت على هذه "الأربعين"، فقضيت مِنْ حُسنها عجبًا، وقضيت بأنها تصبي سامعها حتى يهتز طربًا. وكيف لا، وهي مِنْ مرويات إمامٍ فاق الأشياخَ، فضلًا عن الأقران، وراق الأسماعَ ذكرُه، فكيف بالعيان. فاللَّه يُبقي المخرَّجة له والمنتقي، ويُرقي درجاتهما حتى يعجز عن لحاقها مَنْ يروم أن يرتقي.


(١) في (ط): "وفروعها".
(٢) في (أ): "أمانته".