للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طولى (١)، وأظهر أن الاشتغال بما يقرِّبُه للآخرة خيرٌ مِنَ الأولى، وأعلم أنَّ له همة غير قريحة تنادي: (يا خليليَّ امدحاني وقولا). وقد أجزتُ له روايتها بسندي فيها، وأسأل اللَّه أن يجعل القرآن نافعًا له في طوارق الحدثان، عاصمًا له من نزغات الشَّيطان.

ومنه لمن عرض عليه "الفصيح":

أما بعد حمد اللَّه الذي جعل محبَّ الدين فصيحًا لبيبًا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، منزل الغيث العارض صبيبًا، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله وحبيبه، فيا حبذا سيدًا وعبدًا وحبيبًا، صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم مِلْءَ السماء والأرض، وأسأله أن يتطوَّل على تقصيرنا في تصريفنا بشفاعته يوم العرض.

فقد عرض علىَّ محبُّ الدين عرضًا تحدَّر كالنَّهر الفائض. أستغفر اللَّه، بل كالسَّيلِ لمناسبته للعارض، قراءةً قررت أنه فاق مشاكله ومماثله، وسردًا وقفتِ النُّجومُ الجواري بين يديه ماثلة، دلّني على حفظه لجميع الكتاب، لأنَّه عن حق الحفظ ما راغ، وأذاقني حلاوة ألفاظه، لكنه -بحمد اللَّه- ما زاغ، وأذِنتُ له أن يرويه عني إلى آخره.

ومنه في عرض القاضي علاء الدين البلقيني "للعمدة"، بعد وصفه بالولد العزيز النبيه الزكي الذكي الألمعي المَدِرة الحُفَظة البارع الأوحد، أعجوبة العصر في الفهم، ووصف والده بسيدنا ومولانا قاضي القضاة، وجدَّه بسيدنا ومولانا قاضي القضاة، شيخ الإسلام، علامة الأعلام، مفخر أهل العصر، والغُرَّة المشرقة في جبهة الدَّهر، وجد والده بسيِّدنا ومولانا، شيخ الإسلام والمسلمين، ختامِ المجتهدين، مربِّي السالكين، بقية السلف الأكرمين، وعُمدة الخَلَف (٢) أجمعين. فقال: مواضع متعددة لم يدرك شأوه في جَوْدة (٣) سردها، وشهد له شاهدٌ العيان بأنه ذاق حلاوة شهدها، وكيف لا، وهو الفريدُ في أصالته، الوحيدُ في نباهته، النادرةُ في الفهم والذكاء،


(١) "طولى" ساقطة من (أ).
(٢) في (ط): "الخلق".
(٣) في (أ): "وجوده"، تحريف.