للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترشفُ آذانُنا منه ما ... يفُوقُ في الأفْوَاهِ رَشْفَ الرُّضَابْ

كأنَّما الطَّائيُّ مِنْ قَبْلُ قَدْ ... كُوشِفَ فيه فَرَضِي بالإيابْ

نَظْمٌ أرانا أو سَهْمُ نَعْجةٍ ... يرى أبَاهُ حجرًا كالتُّرابْ

وهذه الأحجار لا تستوي ... كم حجر يجري بتِبْرٍ مذابْ

تخالنا منها سكارى وما ... دارت بأيدينا كؤوس الشَّرابْ

أطربنا حتى ظنّناه قد ... عاودنا بعدَ المشيبِ الشبابْ

قريحةٌ ما حَاوَلَتْ مُشْكِلًا ... إلَّا أصابَتْ منه عَيْنَ الصَّوابْ

فكَلَّفَتْني بعد إغْلاقِ باب ... للمَدْحِ في مَدْحي له فَتْحَ بَابْ

وكنت في مندوحةٍ عنه لو ... وقفت ما سطرتُه في كتابْ

يَظُنُّ نَظْمَ الشِّعرِ إرثًا (١) ومَنْ ... صَوَّبَ فيه الفِكْرَ ألفَاهُ صَابْ

فاسْتُر شِهابَ الدِّين ما لَاحَ مِنْ ... عُيوبِ شعر حقُّه أن يُعابْ

وهاكها عاجرةً لمْ أقُل ... خُذْهَا حياءً مِنْكَ بكرًا كعَابْ

أسْبِلْ عَلَيْهَا ثَوْبَ سِتْرٍ يَكُنْ ... إسبال ثَوْبِ السِّتْرِ عَنْها ثَوَابْ

لا أقْتَضِي عَنْهَا جَوابًا سِوَى ... الإغضاءِ فالإغضاءُ أوْفَى جَوَابْ

وافْخَرْ وَقُلْ ما شِئْتَ واسْعَدْ فَقَدْ ... أُوتِيتَ يا أحمدُ فَصْل الخِطَابْ

فأجابه:

أهلًا بها حسناء رُودِ الشَّباب ... وافت لنا سافرة للنِّقابْ

مفترَّةٍ عَنْ جوهرٍ رائع ... لكنَّ مأواه البُحورُ (٢) العذابْ

جادت بوصلٍ ناعمٍ أنعَشَتْ ... به فؤادَ الصَّبِّ بعدَ التِهَابْ

فأسكَرَتْنَا بأحاديثها ... فلم نَذُق منه كأس الشَّرابْ


(١) في (أ): "إربًا".
(٢) في ديوان ابن حجر: "الثنايا".