للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأقول: بل وردَ أنَّ بعضَ الصَّحابة رضي اللَّه عنهم الذين سمعُوا الخطبةَ كما سمعتها فاطمةُ، استمرُّوا على الشَّكِّ في كَونِ ابن صيَّادٍ هو الدَّجالُ، كما سأبيِّنُه.

الأمر الثالث: الإشارة إلى أنَّ فاطمةَ بنتَ قيسٍ تفرَّدت برواية الخُطبة المذكورة، مع استبعادِ أن تكونَ سمعتها وحدَها، فما السِّرُّ في كون بقيَّةِ مَنْ سمعها معها لم يرووها كما روتها؟

فأقول: لم تنفَرِدْ فاطمةُ بسماعها ولا بروايتها، بل جاءت القصَّةُ مرويةً عَنْ جماعةٍ مِنَ الصَّحابةِ غيرها، ودلَّ ورودُها علينا مِنْ رواية عائشة أمِّ المؤمنين وأبي هريرة وجابر وغيرهم، رضي اللَّه عنهم، على أنَّ جماعةٌ آخرين روَوْهَا، وإن لم تتَّصل بنا روايتهم.

أما حديث عائشة وأبي هريرة رضي اللَّه عنهما، فهو عند الإمام أحمد في "مسنده"، أورده في مسند فاطمة بنت قيس رضي اللَّه عنها، فقال فيه: حدثنا يحيى بن سعيد -هو القطَّان- حدثنا مُجالِدٌ، عن عامر -هو الشعبي-، قال: قدِمتُ المدينة، فأتيت فاطمةَ بنت قيس رضي اللَّه عنها، فحدثتني أن زوجها طلَّقها وذكر الحديث. وفيه: فلما أردت أن أخرج، قالت: اجلس حتى أحدثك حديثًا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: قالت: خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومًا مِنْ الأيام، فصلَّى صلاة الهاجرة، ثم قعد -يعني على المنبر- ففزعَ النَّاسُ، وقال: "اجلسوا أيها الناس، فإني لم أقُمْ مقامي هذا لفزع، ولكن تميمًا الداري أتاني، فأخبر خبرًا منعني مِنَ القيلُولَةِ مِنَ الفرح. . . ". الحديث بطوله. وفيه: قال عامر: فلقِيتُ المحرَّر بن أبي هريرة، فحدَّثتُه بحديثِ فاطمةَ بنتِ قيس رضي اللَّه عنها، فقال: أشهد على أبي أنه حدثني كما حدثتْ (١) فاطمة، غير أنه قال: "إنه في نحو المشرق".

قال: ثمَّ لقيتُ القاسمَ بنَ محمَّدٍ، فذكرتُ له حديثَ فاطمة بنتِ قيسٍ، فقال: أشهدُ على عائشة أنها حدثتني كما حدثت (٢) فاطمة، غير أنَّها قالت: "الحَرَمَانِ عليه حرام، حرم (٣) مكة والمدينة".


(١) ساقطة مِنْ (أ).
(٢) في (ب): "حدثتك".
(٣) ساقطة مِنْ (ب، ح).