للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخطأ على قِلَّة روايته، هل هو صحيحٌ، وهل وافقه على هذا أحدٌ مِنْ أئمة المحدِّثين أم لا؟

فأجاب بما قرأتُه مِنْ خطِّه: النَّسائي مِنْ أئمة الحديث، والذي قاله إنما هو بحسب ما ظهرَ له وأدَّاه إليه اجتهاده، وليس كل أحدٍ يُؤْخَذُ بجميع قوله. وقد وافقَ النَّسائيَّ على مطلق القول في الإمام جماعةٌ مِنَ المحدِّثين، واستوعبَ الخطيبُ في ترجمته مِنْ "تاريخه" أقاويلَهم، وفيها ما يُقْبَلُ وما يُرَدُّ.

وقد اعتُذِرَ عَنِ الإمام بأنه كان يرى أنَّه لا يحدث إلا بما حفظه منذُ سمعه إلى أنْ أدَّاه، فلهذا قلت الزواية عنه، وصارت روايته قليلةً بالنسبة لذلك، وإلا فهو في نفس الأمر كثير الرواية.

وفي الجملة، تَرْكُ الخَوْضِ في مثل هذا أولى، فإنَّ الإمامَ وأمثالَه ممَّن قفزوا القَنْطَرَة، فما صار يُؤَثِّرُ في أحد منهم قولُ أحدٍ، بل هم في الدرجة التي رفعهم اللَّه تعالى إليها مِنْ كونهم متبوعين مقتدى بهم، فليُعتَمَدْ هذا، واللَّه ولي التوفيق.

ومنها ما سئل عن معنى قوله تعالى: {مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: ١٢٥].

وهل كان له -صلى اللَّه عليه وسلم- عَذَبَةٌ؟ فإنه نقِلَ عَنِ المجد الشِّيرازي في كتابه "منح الباري في شرح البخاري" أنه كان للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَذَبَةٌ طويلةٌ نازلةٌ بين كتفيه، وتارةً على كتفه، وأنه ما فارق العَذَبَة قط. ونُقِلَ أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خالفُوا اليهود، ولا تُصمِّمُوا، فإن تصميم العمائم مِنْ زيِّ أهل الكتاب"، ونقل أيضًا أنه قال: "أعوذ باللَّه مِنْ عمامةٍ صمَّاء"، فهل هذا صحيح أم لا؟

[معنى قوله تعالي {مُسَوِّمِينَ}]

فأجاب: أما معنى قوله تعالى: {مُسَوِّمِينَ} فمعلَّمين على الأرجح. قال الماوردي: قرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو بكسر الواو، أي أنهم سَوَّمُوا خيلَهم بعلامةٍ، وقرأ الباقون بفتحها، أي أنها سائمة.