للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجره، وللمعلِّم الأول -وهو الشَّارع -صلى اللَّه عليه وسلم- نظير جميعِ ذلك. فهذا معنى الزيادة في شرفه، وإن كان شرفه مستقرًا حاصلًا.

وإذا عرف هذا، عرف أن معنى قول الداعي: اجعل مثلَ ثواب تقبُّلِ هذه القراءة، ليحصل مثلُ ذلك للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وأما قولُه: اجعل ثواب ذلك، بغير لفظ "مثل"، فله أصلٌ، وهو الحديث المرويُّ عن أُبَيِّ بن كعب، ففيه: أجْعَلُ لك صلاتي كلَّها؟ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذًا تُكفى همَّك". وقد قيل: إنَّ المراد بالصلاة هُنا الدُّعاء، وقيل: الصلاةُ حقيقةً، والمرادُ: نفسُ ثوابِها، أو: مثلُ ثوابها. واللَّه أعلم.

[[حكم الغلط في النسخ]]

ومنها أنه سُئِلَ عن ناسخٍ متحفظٍ مِنَ الغلط له مخالطةٌ بالفقهاء، غير أنَّه لم يقرأ العربية، فهل يحرُم عليه التلفظ بالحديث أو نسخه أم لا؟

فأجاب: لا يحرُم عليه ذلك، ولا يُشتَرَطُ على النَّاسخ أن يعرِفَ النَّحو، بل إذا كان ينقُلُ ما يجده مِنْ غيرِ زيادةٍ ولا نُقصان، جاز له ذلك، ولو قدر أنَّه غلط في بعض الأحيان، لم يُؤاخَذْ بذلك، لأن النسيان جائزٌ على كلِّ إنسان، واللَّه المستعان.

وقد صرح العلماء بمشروعية المقابلة بعد النسخ والتحريض عليها، لجواز وقُوع السَّهو، ولو كان النَّاسخ يعرف العربية، فليس بمعصومٍ مِنَ الخطأ، وإن كان العارفُ أولى مِنْ غيرِ العارف، واللَّه أعلم.

[[الاعتراض علي القاضي عياض]]

ومنها أنه سئل عن مَنِ اعترضَ على القاضي عياض، حيث قال في "الشفا": (وأما تواضُعه -صلى اللَّه عليه وسلم- على عُلوِّ منصبه، فكان أشدَّ النَّاس تواضعًا وأقلَّهم كِبْرًا). فإنَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منْتَفٍ عنه الكِبْرُ أصلًا ورأسًا. وصار هذا المعترِض يتتبَّعُ نُسَخَ "الشفا" فيمحو ذلك منها. أهو مصيب؟

فأجاب: الاعتراضُ باطلٌ، لأنَّ العُلماء قد تكلَّموا على الحديث الذي