للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جلالته في سائرها، وكذا يعرفُ ذلك مَنْ نظر في "تذكرته" التي غاب عنِّي الآن ما التقطتُّه عنها.

[[تعقبه على النووي في الأذكار]]

وقد رأيتُ فيما رأيته بمكَّةَ مِنْ أجزاء "تذكرته الأدبية" المؤرخة بعدَ التسعين وسبعمائة مواضع استشكلها مِنْ كلام شيخ الإسلام النووي، ولا أدري أهي مبتكرةٌ له، أو اتبع فيها والده، أحببتُ إيرادها، وإن كان في "فتح الباري" قد بين أكثرها، فقال:

قال النَّوويُّ رحمه اللَّه في "الأذكار": باب جواز دُعاء الإنسان على مَنْ ظلم المسلمن أو ظلمه وحده، وذكر أحاديث صحية كدُعائه، -صلى اللَّه عليه وسلم- على قُريشٍ وعلى مُضَرَ وغيرهم. وحكى في باب اللعن عَنِ الغزالي أنَّه قال: وفي الدُّعاء على الإنسان بالشَّرِّ حتى على الظَّالم، مثل: لا أصحَّ اللَّه جسمه، ولا سلمه اللَّه، وكلُّ ذلك مذمومٌ.

قال شيخنا: ولم يتعقب النووي رحمه اللَّه هذا، مع أنَّ ظاهره التَّناقُضُ مع ما قدمه.

فإن قيل: تلك الأحاديث في حقِّ الكافرين، ولعلَّ الغزالي أراد الظالم المسلم.

قلت: قد صحَّ الحديث الذي فيه: "لا استطعت"، وأنَّه صحابي اسمُه بشر. كذا ذكره النووي، وقال: ففيه دليلٌ على جواز الدُّعاء على مَنْ خالف الحكمَ الشَّرعيَّ.

قال شيخنا: فكيف يجمع بين كلامه؟

وقال في "شرح صحيح مسلم" في خُروج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى البقيع ليلًا، إلى أن قالت عائشة رضي اللَّه عنها: قلت: كيف أقول يا رسول اللَّه؟ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قولي: السلامُ على أهل الدِّيار مِنَ المؤمنين والمسلمين"، فقال: قال الخطَّابي وغيره: فيه أنَّ السَّلامَ على الأموات والأحياءِ سواءٌ في تقديم السَّلام على قوله: "عليكم"، بخلاف ما كانت الجاهليَّةُ عليه مِنْ قولهم:

(عليك سلام اللَّه قيسَ بنَ عاصم). انتهى.