للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّيخ برهان الدين السُّوبيني، فإن الظاهر أرسل يسألُه في تعيين أحدٍ مِنْ جماعته لقضاء مكَّة فعيّنه، ورفع مِنْ مقداره إلى الغاية حتَّى ولاه، وتنقَّل لغيرها مِنَ البلاد كالشَّام وحلب، ولمَّا عيَّنه لذلك، راسل القاضي أبا اليُمن بالوصية به، مفتتحًا الرِّسالة بقوله: إنَّه مستمرٌ على المحبَّة والثَّناء والدُّعاء. قال: وقد توجَّه إلى مكة الشَّيخ برهان الدين السُّوبيني، وهو مِنْ أهل الخير والعلم، فيكون نظركم عليه، فإنه غريب، وليست له نيَّةٌ في الإقامة سوى مجاورة هذه المدَّة التي في بقية هذه السَّنَةِ.

وكتب له أيضًا ما نصُّه: إنَّه مستمرٌّ على الدُّعاء والمحبة، وقد وصل مشرفكم، وفيه ذكر القاضي الجديد، والذي يعلم به أن الحامل على تعيين هذا أنَّ العبد وجد صاحبَ الأمر في غاية التَّصميم على منع تولية أحدٍ مِنْ أهل مكة هذا المنصب، وسببه اختلاف أغراض السَّاعين لمن يحصل منهم السَّعيُ له، فكلٌّ يطري صاحبه بما ليس فيه، ويُبالغ في الغَضِّ مِنْ غيره، فتعارضت الأحوال وتساقطت، واحتيج للإصلاح بين الجميع بتولية أجنبي، وهذه عادة قديمة لا تنتج غالبًا إلَّا جرَّ الخير لمن يستحقُّ الوظيفة مِنْ أهل تلك البلدة، فيعود الأمرُ إليه، ويندفع الاعتراضُ. وقد وصل كتاب الشَّيخ برهان الدين -يعني السوبيني- ولسانُه رطبٌ بالثَّناء عليكم والدُّعاء لكم، حتى إن فيه أنَّه لم يجبر خاطره أحدٌ مِنْ أهل البلد غيرُكم، وهذا غاية الثناء. والمسؤول مِنْ فضلكم إبلاغ السَّلام على الولد العزيز -يعني الشَّيخ نور الدين أحد طلبة صاحب التَّرجمة- وتعريفه أنَّه يتفضَّل بإعلام العبد بسيرة القاضي برهان الدين هذه المدَّة، وهل ظاهرُه فيها كباطنه، وسرُّه كعلانيته، إلى آخر كتابه.

قلت: وقد أثنى صاحبُ التَّرجمة على السُّوبيني بقوله في حرف السِّين المهملة مِنْ "تحرير المشتبه" (١) له: وبمهملة، وبعد الواو موحدة مكسورة،


(١) لم أجد هذا النص في "تبصير المنتبه بتحرير المشتبه" وقد نقل بعضه المصنف في ترجمة السوبيني مِنْ الضوء اللامع ١/ ١٠١ ولم يعزه لكتاب. ثم تبين لي أن هذه التَّرجمة سقطت مِنْ المطبوع مِنْ الكتاب، وكان ينبغي أن تكون في (٢/ ٧٥٩) منه. وقد وجدتها في نسخة مخطوطة محفوظة في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة، رقمها ٢٨٥، والنص في الصفحة ١١٧ منها، ويعمل الأخ الفاضل محمد زهرا على تحقيق هذا الكتاب مِنْ جديد.