للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحروف وليس له قصد إلى المعنى الذى يؤديه. وقد يجوز مع هذا أن يسمى الكلام الواحد فصيحا بليغا إذا كان واضح المعنى، سهل اللفظ، جيد السبك، غير مستكره فج ولا متكلف وخم، ولا يمنعه من أحد الاسمين شئ لما فيه من إيضاح المعنى وتقويم الحروف». (١)

وهذا هو رأيه، أما الرأى الأول فقد عرضه، لأنّ بعضهم يذهب إلى ذلك. وعقد فصلا فى تمييز الكلام تحدث فيه عن صفات الألفاظ الحسنة، وانتهى إلى أنّ الكلام إذا جمع العذوبة والجزالة والسهولة والرصانة مع السلاسة والنصاعة، واشتمل على الرونق والطلاوة، وسلم من الحيف فى التأليف، وبعد عن سماجة التركيب، وورد على

الفهم الثاقب- قبله ولم يرده، وعلى السمع المصيب استوعبه ولم يمجه، والنفس تقبل اللطيف وتنبو عن الغليظ. (٢)

وأعطى الألفاظ أهمية كبيرة، لأنه ليس الشأن فى إيراد المعانى، لأنّ المعانى يعرفها العربى والعجمى والقروى والبدوى، وإنما هو فى جودة اللفظ وصفائه، وحسنه وبهائه، ونزاهته ونقائه، وكثرة طلاوته ومائه مع صحة السبك والتركيب. وليس يطلب من المعنى إلّا أن يكون على هذه الأوصاف، وهو ما أشار إليه الجاحظ من قبل، ولكنه جعل التصوير أساس البيان.

[ابن سنان]

وعقد ابن سنان الخفاجى (- هـ) فى كتابه «سر الفصاحة» فصولا ضافية تحدث فيها عن صفات الحروف ومخارجها، وفصاحة اللفظة المفردة والألفاظ المؤلفة.


(١) كتاب الصناعتين، ص ٨.
(٢) كتاب الصناعتين، ص ٥٧.

<<  <   >  >>