للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[اقسامه]

وللقلب أقسام تحدث عنها الزركشى وهى (١):

الأول: قلب الإسناد، وهو أن يشمل الإسناد إلى شئ والمراد غيره، كقوله تعالى: «ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ» (٢) إن لم تجعل الباء للتعدية لأن ظاهره أن المفاتح تنوء بالعصبة، ومعناه أن العصبة تنوء بالمفاتح لثقلها فأسند «لتنوء» إلى «المفاتح» والمراد إسناده إلى العصبة، لأنّ الباء للحال والعصبة مستصحبة المفاتح لا تستصحبها المفاتح، وفائدته المبالغة بجعل المفاتح كأنها مستتبعة للعصبة القوية بثقلها.

وقيل: لا قلب فيه، والمراد: أن المفاتح تنوء بالعصبة أى تميلها من ثقلها.

وقيل فى قوله تعالى: «وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ» (٣) إنّه من المقلوب وإنّه «سكرة الحق بالموت».

الثانى: قلب المعطوف، وهو جعل المعطوف عليه معطوفا والمعطوف معطوفا عليه كقوله تعالى: «فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ» (٤) حقيقته: فانظر ماذا يرجعون ثم تولّ عنهم، لأنّ نظره ما يرجعون من القول غير متأتّ مع توليه عنهم، وما يفسر به التولى من أنّه يتوارى فى الكوة التى ألقى منها الكتاب مجاز، والحقيقة راجحة عليه.

ومنه قوله: «ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى» (٥) أى: تدلى فدنا، لأنّه بالتدلى نال الدنو والقرب إلى المنزلة الرفيعة وإلى المكانة لا إلى

المكان.

ورأى ابن سنان والقزوينى أنّ الآيتين لم تأتيا على القلب وإنّما على الأسلوب الأصلى وذلك لعدم تضمن القلب فيهما اعتبارا لطيفا.


(١) البرهان فى علوم القرآن ج ٣ ص ٢٨٨ وما بعدها.
(٢) القصص ٧٦.
(٣) ق ١٩.
(٤) النمل ٢٨.
(٥) النجم ٨.

<<  <   >  >>