للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفة الحكمة ولم يجعلها من صفة الحكيم، إلّا أنّ كثرة الاستعمال جعلت تسمية المتكلم بأنّه بليغ كالحقيقة.

وفى كتاب الصناعتين رأيان:

الأول: أنّ الفصاحة والبلاغة ترجعان إلى معنى واحد وإن اختلف أصلاهما، لأنّ كل واحد منهما إنّما هو الإبانة عن المعنى والإظهار له.

والثانى: أنّ الفصاحة والبلاغة مختلفتان، ذلك أنّ الفصاحة تمام آلة البيان فهى مقصورة على اللفظ، لأنّ الآلة تتعلق باللفظ دون المعنى، والبلاغة إنّما هى إنهاء المعنى إلى القلب فكأنها مقصورة على المعنى (١).

[ابن سنان]

وحاول ابن سنان الخفاجى (- هـ) أن يحدد البلاغة ويرسم معالمها غير أنّه لم يأت بالكلمة الفاصلة والتعريف الجامع المانع. ولم يك وحده الذى فعل ذلك فقد مرت بالبلاغة تعريفات كثيرة نقلها الجاحظ فى «البيان والتبيين» وأبو هلال فى «كتاب الصناعتين»، ولذلك أشار إلى اضطراب القوم فى حدها والوقوف على كنهها، وقال: «وقد حدّ الناس البلاغة بحدود إذا حققت كانت كالرسوم والعلائم وليست بالحدود الصحيحة فمن ذلك قول بعضهم «لمحة دالة» وهذا وصف من صفاتها فأما أن يكون حاصرا لها وحدا يحيط بها فليس ذلك بممكن لدخول الإشارة من غير كلام يتلفظ به تحت هذا الحد» (٢).

ولم يعرف البلاغة، وإنما فرق بينها وبين الفصاحة وقال: «والفرق بين الفصاحة والبلاغة، أنّ الفصاحة مقصورة على وصف الألفاظ، والبلاغة لا تكون إلّا وصفا للألفاظ مع المعانى. لا يقال فى كلمة واحدة لا تدل على


(١) كتاب الصناعتين ص ٧.
(٢) سر الفصاحة ص ٦٠.

<<  <   >  >>