للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القادر وحده، فما رأيك؟ فقال لي المسألة فيها خلاف! قلت له وأي خلاف؟ أنت إمام مسجد وتقرأ في صلاتك كل ركعة:

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ويكررها المسلم في يومه عشرات المرات، ولا سيما في صلاته، فلم يتراجع هذا الشيخ الصوفي النقشبندي عن خطئه، بل أصرَّ، وبدأ يجادل، ويعتبر المسألة خلافية لِيُبرر موقفه الخاطئ! إن المشركين الذين حاربهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يدعون أولياءهم في وقت الرخاء، ولكن إذا وقعوا في شدة أو كرب سألوا الله وحده، كما قال الله تعالى عنهم:

{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}. [يونس: ٢٢]

وقال عن المشركين: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}. [النحل: ٥٣]

٣ - دخلت مرة على شيخ كبير له طلاب وأتباع، وهو خطيب وإمام مسجد كبير، وبدأت أتكلم معه عن الدعاء وأنه عبادة لا يجوز إلا لله وحده، وأتيت له بدليل من القرآن وهو قوله تعالى:

{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (٥٦) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}. [الإسراء: ٥٦، ٥٧]

فما المراد من قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ. . .}؟ فقال لي: الأصنام، قلت له: المراد الأولياء الصالحون. . فقال لي نرجع إلى تفسير ابن كثير، فمدَّ يده إلى مكتبته، وأخرج تفسير ابن كثير فوجد المفسر يقول أقوالًا كثيرة أصحها رواية البخاري التي تقول: "قال ناس من الجن كانوا يُعبدون، وفي رواية كان ناس من الإِنس يَعبدون ناسًا من الجن فأسلم الجن وتمسّك هؤلاء بدينهم". "ج ٣/ ٤٦"

فقال لي الشيخ: الحق معك، ففرحت بهذا الإعتراف الذي قاله الشيخ، وبدأتُ أتردُّدُ عليه وأجلس في غرفته، وفوجئت مرة كنت عنده فقال للحاضرين: إن الوهابية نصف كفار؛ لأنهم لا يؤمنون بالأرواح، فقلت في نفسي لقد بدل الشيخ رأيه وخاف على منصبه فافترى على الوهابية، والإِيمان بالأرواح لا يُنكره الوهابية؛ لأنها ثابتة في القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>