للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المحو والإثبات في الأجل]

قال الله تعالى:

{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: ٣٩]

قال الطبري: وأولىَ الأقوال التي ذكرت فَي ذلك بتأويل الآية وأشبهها بالصواب، القول الذي ذكرناه عن الحسن ومجاهد، وذلك أن الله تعالى ذكره توعد المشركين الذين سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الآيات بالعقوبة، وتهددهم بها، وقال لهم:

{وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد: ٣٨]

يعلمهم بذلك أن لقضَائه فيهم أجَلًا مثبتاً في كتاب، هم مؤخرون إلى وقتَ مجيء ذلك الأجل، ثم قال لهم: فإذا جاء ذلك الأجل يجيء الله بما شاء ممن دنا أجله وانقطع رزقه، أو حان هلاكه أو اتضاعه من رفعة أو هلاك مال، فيقضي ذلك في خلقه، فذلك محوه، ويثبت ما شاء ممن بقي أجله ورزقه وأكله:

[أي حظه من الدنيا من البقاء والرزق، فيتركه على ما هو عليه فلا يمحوه.

[انظر تفسير الطبري ج ١٦/ ٤٩٠/ تحقيق محمود شاكر]

وقال الطبري في تفسير {وعنده أم الكتاب}:

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: (وعنده أصل الكتاب وجملته).

وذلك أنه تعالى ذكره أخبرأنه يمحوما يشاء ويثبت ما يشاء، ثم عقب ذلك بقوله: (وعنده أم الكتاب)، فكان بيناً أن معناه: وعنده أصل المثبت منه، والممحو، وجملته في كتاب لديه. [تفسير الطبري ج ١٦/ ٤٩٨ تحقبق شاكر]

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في تفسير الآية:

إن العلماء قالوا: إن المحو والإِثبات في صحف الملائكة، وأما علم الله سبحانه فلا يختلف، ولا يبدوله ما لم يكن عالماً به، فلا محو فيه ولا إثبات.

وأما اللوح المحفوظ فهل فيه محو وإثبات؟ على قولين، والله سبحانه وتعالى أعلم. [انظر الفتاوي مجلد ١٤/ ٤٩٢]

أقول هذا التفسير من العلماء يرد على المبتدعين الذين يقرؤون هذه الآية في ليلة النصف من شعبان، زاعمين أن الله يمحو في هذه الليلة ما يشاء ويثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>