للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا ظل المماليكُ البحريَّة (١) "يحكمون مصر والشَّام نحو قرنٍ وثلث (٦٤٨ - ٧٨٤ هـ) اسْتطاعُوا فيها مواجهةَ المشاكل العَديدة الَّتي واجهت المسلمين في الشَّرق الأَدنى عندئذٍ، سواءٌ كانت هذه المَشَاكل خارجِيَّة من جانب الصَّليبيِّين والتَّتار، أَوْ داخليّة في صُورةِ ثوراتٍ أَوْ مؤامراتٍ أَوْ أَزماتٍ اقْتصادِيَّة" (٢) حتَّى أَذِنَ الله لها بالزَّوالِ لتحلَّ محلَّها دَولةٌ أُخْرى من المماليك -أَيضًا-، هم المماليك الجَراكِسة أَوْ البُرجيَّة (٣).

وجديرٌ بالذِّكر أَن هذه الدَّولة مع ما حَصل لها من التَّوسُّع والامْتداد والنُّفوذِ لَمْ تَعرفْ الاسْتقرارَ الدَّاخليَّ إلّا لِمَامًا من الزَّمن في عهد قادةٍ قلّة، عُرفوا بالدِّين والصَّلاح.

ويَبْدو لي أَن أهمَّ ما يُميّز سلاطينها: تشوّقُهم إلى السُّلطةِ، وتدافعُهم إلى كُرسيِّ الحكم حتَّى غدا شِعارهم -كَما نصَّ عليه بعضُ المحدثين (٤) -: "مَنْ قتلَ ملكًا أصبحَ هُو الملك".


(١) يُرجِّحُ المؤرِّخون أنَّ السَّبب في تَسْمية المماليك بالبَحريَّة "يرجعُ إلى اخْتيار الصَّالح نجم الدِّين جزيرةَ الرَّوضة في بحر النِّيل مركزًا لهم". الأَيُّوبيُّون والمماليك في مصر والشَّام، د. سعيد عاشور: (١٧٧). وينظر: بدائع الزُّهور في وقائع الدُّهور؛ لمحمَّد الحنفيّ: (٦٧).
(٢) الأَيُّوبيُّون والمماليك: (١٧٧ - ١٧٨).
(٣) سُمُّوا بالجراكسةِ نسبةً إلى أَصْلهم الجرْكسيِّ، وبالبُرجيَّةِ لاختيار السُّلطان قلاوون أَبراج القلعةِ سكنًا لهم. ينظر: الجوهر الثّمين في سير الخلفاء الملوك والسّلاطين؛ لابن دقمان: (٣٠٦ - ٣٠٨)، والأيّوبيّون والمماليك: (٢٢٧).
(٤) الملك الظَّاهر ببيرس. د. عبد العزيز بن عبد الله الخويطر. ص (٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>