للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا تقول تمنّيًا: (لو تأتيني فَتحَدِّثَنِي) بالنَّصب؛ لأن نصبَه بإضمار (أَنْ)، و (أن) لا تُضْمر إلّا بعدَ الأشياءِ الستة (١). وتَقْديرُ غير التَّمنّي مُتعذّرٌ. فيقدّر (لو) مُولّدًا للتّمنِّي وإلا امتنع (٢) النّصبُ. فإنّ (لو) تُقَدِّرُ غيرَ الواقع واقعًا في الشَّرط؛ وكذلكَ التَّمنّي؛ [لأنّ الطّلبَ وقوع ما لم يقع فإذا شارك التَّمني] (٣) في هذا المعنى ناسبَ أن يُضَمَّن معناه.

وكذا تقولُ لعل تمنيًا كَمَا في قولهم: (لعلِّي أَحُجّ فأَزُورَكَ) بالنّصب؛ لأنّه لو لم يكن للتّمنِّي لما جازَ النّصبُ. وعليه قراءةُ عاصمٍ (٤): {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ} (٥) بالنَّصب (٦) لبُعدِ المرجوِّ؛ أي: سبب توليده للتَّمنِّي بُعد المرجوِّ


(١) الأشياء الستة -كما صرّح بذلك الزمخشري في المفصّل: (٣٢٥)، والأنموذج في النّحو: (٢٦): "الأمر، والنهي، والنفي، والاستفهام، والتمنّي، والعرض".
(٢) في أ، ب: "لامتنع".
(٣) ما بين المعقوفين ساقطٌ من الأصل. ومثبت من أ، ب. وظاهر أنّه من انتقال النظر.
(٤) هو: أبو بكر؛ عاصم بن أبي النَّجود الأسديّ مَولاهم، الكوفي، أحدُ القرّاء السبعة المشهورين، كان ثقة صدوقًا، ولد في إمرة معاوية بن أبي سفيان، وتوفي سنة ١٢٧ هـ بالكوفة.
ينظر في ترجمته: طبقات خليفة: (١٥٩)، والجرح والتعديل: (٦/ ٣٤٠)، وفيّات الأعيان: (٣/ ٣)، وسير أعلام النبلاء: (٥/ ٢٥٦ - ٢٦١).
(٥) سورة غافر؛ من الآيتين: ٣٦، ٣٧.
(٦) أي: بنصب (فأطلعَ) وهي قراءة رواها عن عاصم حفص. وقرأ الباقون بالرفع.
ينظر: النَّشر في القراءات العشر لابن الجوزيّ: (٢/ ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>