للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيهان:

الأَوَّلُ: إذا كان وجْهُ التَّشبيه وصْفًا غيرَ حقيقيّ؛ أي: اعتباريًّا مُنْتزعًا من أمورٍ متعدِّدَةٍ -سُمِّي [أي] (١) التَّشبيه: تَمْثيلًا، وخُصَّ بذلك الاسم (٢)، قال -تعالى-: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} (٣)، فإن وجهَ تَشبيهِ المنافقين بالذين شُبِّهوا بهم فِي الآيَة، هو: تَوَجُّه الطلبِ إلى تَيْسِير مطلوبِ بسبب مُباشرةِ أسبابِه القريبةِ مع تعقُّبِ الحِرْمانِ والخَيْبَةِ لانقلابِ الأَسبَابِ، وأَنَّه أمرٌ اعتباريٌّ لا وصفٌ حقيقيٌّ منتزعٌ من أمورٍ كثيرةٍ.

ومنه وإنما فصل بلفظ (٤): (منْه) عمَّا قبلَه؛ لأن كُل واحدٍ من الشبَّه والمشبَّه به مذكورٌ صريحًا في الآية الأُولَى؛ دون هذه: قوله -تعالى-: {كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَال عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} (٥)، شَبَّه كون المؤمنين أنصار الله بقولِ عيسى لهم: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّه} من حيثُ الظاهرِ، لكنّ المراد: كونُوا أنصار الله مثل كون الحواريِّين أَنصاره وقْت قول عيسى -عليه


(١) "أي" ساقطة من الأَصل ومثبتة من أ، ب. وعلى مثلها درج الشَّارحُ.
(٢) أي: تسميته: تمثيلًا.
(٣) سورة البقرة؛ من الآية: ١٧.
(٤) في أ، ب: "بلفظه".
(٥) سورة الصّف؛ من الآية: ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>