للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقيقيِّ أَوْ المجازيِّ، ولهذا قال (١): وقد يكون في المجاز؛ كما تقولُ: (أَنا لَسْت بِحِمار) في معناه المجازيّ، أي: ببليدٍ، ومنه ينتقلُ الذِّهنُ إلى كونِ غيركَ بَلِيدًا، وكما قال (٢):

إنّ السَّماحَةَ والمرُوءةَ والنَّدى ... فِي قُبَّةٍ ضُربت عَلى ابن الحَشْرَج

فإنّ ضرب القُبَّة عليه مجاز، ومنه انتقال الذهن إلى كرمه (٣).

الرّابع: أطبق البلغاء (٤) أن المجاز أبلغ من الحقيقة؛ لأنه إثبات الشيء بملزومه، لأنّ مبني المجاز على الانتقال من الملزوم إلى اللّازم، فأنت في قولك: (رعينا الغيث) ذاكرًا لملزوم النَّبت مريدًا به لازمه؛ فهو دعوى بشاهد؛ فإنّ وُجود الملزوم شاهد لوجود اللّازم؛ لامتناع انفكاك الملزوم عنه.

والاستعارةُ أبلغُ من التَّشبيهِ الصَّريح لوجهين:

الأَوَّل: لأنها -أي: الاستعارة- مجازٌ مخصوصٌ (٥)، ففيها الفائدةُ كما (٦) في المجاز، من دعوى الشَّيءِ بشاهدٍ.


(١) أي: المصنِّف. وفي ب: "قيل".
(٢) البيت من الكامل. وهو لزياد بن الأعجم. وقد تقدَّم تخريجه ص (٥٧٦) قسم التحقيق.
(٣) في ب: "كونه" وهو تحريف.
(٤) هكذا -أيضًا- في ف، وفي أ: "القوم".
(٥) بخلاف التّشبيه؛ فإنّه حقيقة.
(٦) هكذا في الأَصْل. وفي أ، ب: "الّتي" ولا اختلاف في المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>