للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رب العالمين، واتباعه طرق الفلسفة في الاصطلاحات التي سمّوها بزعمهم حُكميات وعقليّات، وإنما هي جهالات وضلالات، وكونه التزمها معرضًا عن غيرها أصلًا ورأسًا، فغلبت عليه حتى غطَّت على عقله السليم، فتخبّط حتى خَبَط فيها خَبْط عشواء، ولم يفرّق بين الحقّ والباطل، وإلا فالله أعظم لطفًا بعباده من أن لا يجعل لهم عقلًا يقبل الحقّ ويثبته، ويبطل الباطل وينفيه، لكن عدم التوفيق وغلبة الهوى أوقع من أوقع في الضلال.

وقد جعل الله تعالى العقل السليم من الشوائب ميزانًا يزن به العبد الواردات، فيفرق به بين ما هو من قبيل الحقّ، وما هو من قبيل الباطل، ولم يبعث الله الرسل إلا إلى ذوي العقل، ولم يقع التكليف إلا مع وجوده، فكيف يقال إنه مخالف لبعض ما جاءت به الرسل الكرام عن الله تعالى؟ هذا باطل قطعًا، يشهد له كل عقل سليم، لكن {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: ٤٠].

قال الشيخ الإمام قدّس الله روحه: فهذا ونحوه هو الذي أوجب أنّي صرفت جُلّ همّي إلى الأصول، وألزمني أن أوردت مقالاتهم وأجبت عنها بما أنعم الله تعالى به من الأجوبة العقلية والنقلية.

قلت: وقد أبان بحمد الله تعالى فيما ألّف فيها لكلّ بصيرٍ الحقَّ من الباطل، وأعانه بتوفيقه حتى ردّ عليهم بِدَعهم وآراءهم، وخُدَعهم وأهواءهم، مع الدلائل النقلية بالطريقة العقلية (١)، حتى يجيب عن كل شبهة من شبههم بعدة أجوبة جليّة واضحة، يعقلها كلّ ذي عقل صحيح،


(١) كذا، ولعلها: «والطرائق العقلية».

<<  <   >  >>