للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالشام لأخذ دمشق وغيرها، رجَفَ أهلُها وخافوا خوفًا شديدًا، وجاء إليه جماعةٌ منهم وسألوه الدعاء للمسلمين، فتوجه إلى الله، ثم قال: أبشروا، فإن الله يأتيكم بالنصر في اليوم الفلاني بعد ثالثة، حتى ترون الرؤوس معبّأة بعضها فوق بعض. قال الذي حدثني: فوالذي نفسي بيده ــ أو كما حلف ــ ما مضى إلّا ثلاثٌ ــ مثل قوله ــ حتى رأينا رؤوسهم كما قال الشيخ، على ظاهر دمشق، معبأة بعضها فوق بعض (١).

وحدّثني الشيخ الصالح الورع عثمان بن أحمد بن عيسى النسّاج أنّ الشيخ ــ رضي الله عنه ــ كان يعود المرضى بالبيمارستان بدمشق، في كل يوم، فجاء على عادته فعادهم، فوصل إلى شاب منهم فدعا له، فشُفي سريعًا، وجاء إلى الشيخ يقصد السلام عليه، فلما رآه هشَّ له وأدناه، ثم دفع إليه نفقةً وقال: قد شفاك الله، فعاهد الله أن تعجل الرجوع إلى بلدك، أيجوز أن تترك زوجتك وبناتٍ لك أربعًا بلا نفقة وتقيم هاهنا، فقال الفتى: فقبّلت يده وقلت: يا سيدي أنا تائب إلى الله على يدك، وعجبت مما كاشفني به، وكنت قد تركتهم بلا نفقة، ولم يكن قد عرف بحالي أحدٌ من أهل دمشق.

وحدثني مَن أثق به: أنّ الشيخ ــ رضي الله عنه ــ أُخبر عن بعض القضاة أنه قد مضى متوجّهًا إلى مصر المحروسة ليُقلَّد القضاء، وأنه سمعه يقول: حالما أصل إلى البلد قاضيًا أحكم بقتل فلان، رجل معيّن من فضلاء أهل العلم والدين، قد أجمع الناس على علمه وزهده وورعه، ولكن حصل في


(١) وذلك في معركة شقحب سنة (٧٠٢ هـ).

<<  <   >  >>