للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخوه رجل تاجر يريد وحده عشرة تخدمه، والشيخ أنا أخدمه، وقد قال نائب السلطان وغيره: إنهم ما رسموا بحبس زين الدين، والشيخ يفتي بأن القماش الذي سرق لزين الدِّين يلزمك، ويقول السجّان: ما هو في حبسي، ولا نخليه يطلع. فقال له: إذا نزلت في بيتي غدًا تعالَ إلى عندي مع السجَّان.

قال إبراهيم: ثم حدثنا الشيخ بذلك فقال لزين الدين: قم اطلع، هذا القاضي قد تبرّأ من قضيتك. فقال السجان: حتى يروح إلى القاضي مثلما رأيتم. فقال الشيخ: إن الظلمة وأعوان الظلمة يحطون يوم القيامة في توابيت من نار، ثم يقذفون في الجحيم، قال الله: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: ٢٢ - ٢٣]. فقال: أنا ما أجسر أقول له هذا. ثم إنه رسم بأن يخرج، فقال الشيخ: ما بقي يخرج. فأرسل القاضي ابنه محب الدِّين يسأله مرارًا متعددة حتى خرج.

وفي تلك الأيام جاء المشايخ التدامرة ــ إبراهيم وأبو بكر ــ إلى الشيخ وقالوا له: «قد اجتمعنا بهؤلاء القائمين عليك، وقالوا قد بُلشنا به، والناس تلعننا بسببه، وقد قلنا: إنا قد أخذناه بحكم الشرع في الظاهر، فليبصر شيئًا لا يكون علينا ولا عليه فيه رد فيكتبه لنا ونتفق نحن وهو عليه». فلما قالوا له ذلك قال لهم: «أنا منشرح الصدر، وما عندي قَلَق، وهم برّا الحبس فَلِمَ يقلقون؟ » وكتب: «عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يرضى لكم ثلاثًا: أن تعبدوه لا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم». رواه مسلم». فخرجوا من عنده على ذلك. ثم إنهم بعد أيام جاؤوا إلى عنده وقالوا له: قد وقفوا على الورقة وقالوا: «هذا رجل مِحْجاج خصِم، وما له قلب يفزع من الملوك، وقد اجتمع بغازان ملك التتر وكبار دولته وما خافهم،

<<  <   >  >>