للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجارية في عباده وبلاده، والذي وقع من هذه الأمور في الكون لا يحصي عدَدَه غير الله تعالى.

ومن المعلوم أن البخاري مع جلالة قدره أُخرِج طريدًا، ثم مات بعد ذلك غريبًا، وعوضه الله سبحانه عن ذلك بما لا خطر في باله، ولا مرّ في خياله، من عكوف الهمم على كتابه، وشدة احتفالها به، وترجيحها له على جميع كتب السنن، وذلك لكمال صحته، وعظمة قدره، وحسن ترتيبه وجمعه، وجميل نية مؤلفه، وغير ذلك من الأسباب.

ونحن نرجو أن يكون لمؤلفات شيخنا أبي العباس من هذه الوراثة (١) نصيبٌ كثير إن شاء الله تعالى، [لأنه كان بنى] جملة أموره على الكتاب والسنة، ونصوص أئمة [سلف الأمة. وكان يقصد] تحرير الصحة بكل جهده ويدفع الباطل [بكل ما يقدر عليه]، لا يهاب مخالفَة أحدٍ من الناسِ في نصر هذه الطريقة، [وتبيين هذه] الحقيقة.

وقد عُلِم أن لكتبه من الخصوصية والنفع والصحة، والبسط والتحقيق، والإتقان والكمال، وتسهيل العبارات، وجَمْع أشتات المتفرقات، والنطق في مضايق الأبواب بحقائق فصل الخطاب، ما ليس لأكثر المصنفين، في أبواب مسائل أصول الدين، وغيرها من مسائل المحققين، لأنه كان يجعل النقل الصحيح أصله وعمدته في جميع ما يبني عليه، ثم يعتضد بالعقليات الصحيحة التي توافق ذلك وبغيرها، ويجتهد على دفع كل ما يعارض ذلك من شُبَه المعقولات، ويلتزم حَلَّ كلِّ شبهة كلامية وفلسفية كما قدمتُ الإشارة إلى ذلك، ويلتزم أيضًا الجمع بين صحيح المنقول وصريح المعقول، ويجزم بأن


(١). المطبوع زيادة: «الصالحة».

<<  <   >  >>