للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجوبة ابن سيِّد النّاس اليَعْمَري عن سؤالات ابن أيبك الدمياطي (١)

للعلامة أبي الفتح ابن سيِّد النَّاس اليَعْمَرِي (٧٣٤)

[قال ابن سيِّد الناس، بعد ثنائِه على المزِّي:] وهو الذي حداني على رؤية الشيخ الإمام شيخ الإسلام: تقي الدِّين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية.

فألفيته ممن أدرك من العلم حظًّا، وكاد يستوعب السنن والآثار حفظًا. إنْ تكلَّم في التفسير؛ فهو حامل رايته، أو أفتى في الفقه؛ فهو مُدْرك غايته، أو ذاكر بالحديث؛ فهو صاحب علم وذو روايته، أو حاضر بالنِّحل والملل؛ لم يُر أوسع من نِحْلَتِه في ذلك ولا أرفع من درايته، برز في كل فنٍّ على أبناء جِنسه، ولم تر عين من رآه مثله، ولا رأت عينه مثل نفسه. كان يتكلم في التفسير؛ فيحضر مجلسه الجم الغفير، ويَرِدون من بحر علمه العذب النمير، ويرتعون من ربيع فضله في روضة وغدير، إلى أنْ دبَّ إليه من أهل بلده داء الحسد، وأكبَّ أهل النظر منهم على ما يُنْتقد عليه في حنبليته من أُمور المعتقد، فحفظوا عنه في ذلك كلامًا؛ أوسعوه بسببه ملامًا، وفوَّقوا لتبديعه سِهامًا. وزعموا أنَّه خالف طريقتهم، وفرق فريقهم، فنازعهم ونازعوه، وقاطع بعضهم وقاطعوه، ثم نازع طائفة أخرى ينتسبون من الفقر إلى طريقةٍ، ويزعمون أنهم على أدقِّ باطن منها وأجْلى حقيقة، فكشف تلك الطرائق، وذكر لها ــ على ما زعم ــ بوائق، فآضت إلى الطائفة الأولى من منازعيه،


(١). (٢/ ٢٢١ - ٢٢٤) تحقيق د/ محمد الراوندي، نشر وزارة الأوقاف بالمغرب، ١٤١٠.

<<  <   >  >>