للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما وصل إلينا، تجمع أولوا الحل والعقد، وذوو التحقيق والنقد، وحضر قضاة الإسلام، وحكام الأنام، وعلماء الدين، وفقهاء المسلمين، وعقد له مجلس شرع، في ملأ من الأئمة والجمع، فثبت عند ذلك عليه، جميع ما نُسِبَ إليه، بمقتضى خط يده، الدال على معتقده، وانفصل ذلك الجمع، وهم لعقيدته منكرون، وآخذوه بما شهد به قلمه عليه: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف: ١٩].

وبلغنا أنه كان قد استتيب فيما تقدم، وأخره الشرع الشريف لما تعرض إلى ذلك وأقدم. ثم عاد بعد ردعه ومنعه، ولم تدخل تلك النواهي في سمعه.

فلما ثبت ذلك في مجلس الحكم العزيز المالكي، حكم الشرع الشريف بأن يسجن هذا المذكور، ويمنع من التصرف والظهور.

ومرسومنا هذا يأمر بأن لا يسلك أحد ما سلكه المذكور من هذه المسالك، وينهى عن التشبه به في اعتقاد مثل ذلك، أو يغدو له في هذا القول متبعًا، أو لهذه الألفاظ مستمعًا، أو يسري في التجسيم مسراه، أو أن يفوه بجهة للعلو، مخصصًا أحدًا كما فاه، أو يتحدث إنسان في صوت أو حرف، أو يوسع القول في ذات أو وصف، أو يطلق لسانه بتجسيم، أو يحيد عن طريق الحق المستقيم، أو يخرج عن رأي الأمة، أو ينفرد عن علماء الأئمة، أو يحيز الله تعالى في جهة، أو يتعرض إلى حيث وكيف، فليس لمن يعتقد هذا المجموع عندنا غير السيف.

فليقف كل أحد عند هذا الحد، فـ {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}، فليزم كل من الحنابلة بالرجوع عما أنكره الأئمة من هذه العقيدة، والخروج من هذه المشتبهات الشديدة، ولزوم ما أمر الله به من التمسك بمذاهب أهل

<<  <   >  >>