للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلماء بالديار المصرية من المذاهب الأربعة، فإن وافقوه وإلا يستتيبوه ويرجعوه ليرجع عن مذهبه واعتقاده سائر من لعب بعقله من الناس أجمعين. ثم ذكر له ذنوبًا أخر حتى حَرَّضَ بيبرس على طلبه.

ثم بعد ذلك جرت فتن للحنابلة بمدينة بلبيس. ثم انتقل الحال إلى القاهرة، وحصل لبعض الحنابلة إهانة واعْتُقِلَ منهم جماعة. وجرت فتن عظيمة بين الأشاعرة والحنابلة بالشام، وكان النائب غائبًا بالصيد. فلما حضر أمر بإصلاح ذات البين، وأقر كل طائفة على حالها. وجرى في القاهرة أيضًا على الحنابلة أمور شنيعة، وألزموهم بالرجوع عن العقيدة وأن يقولوا: إن القرآن العظيم هو المعنى القائم بالنفس، وإن ما في الصحف عبارة عنه، وإن ما هو في الصحف موجود ومحفوظ في الصدور ومقروء بالألسنة مخلوق، وإن القديم هو القائم بالنفس، وألزموا بنفي مسألة العلو والتصريح بذلك، وأن جميع ما ورد من أحاديث الصفات لا يجري على ظاهرها بوجه من الوجوه. وجرى عليهم كل مكروه. وكان القاضي شرف الدِّين الحنبلي قليل البضاعة في العلم، ولم يدري ما يجيب به، وكان أكبر من تحدث فيهم وألزمهم بذلك القاضي زين الدِّين المالكي - رحمه الله -، انتصارًا للشيخ نصر في ذلك الوقت. وكان القاضي زين الدِّين عالمًا جيدًا وفقيهًا حسنًا - رضي الله عنه -، يتحدث في المذاهب الأربعة. وكذلك ساعدوه جماعة من الشافعية. فكان هذا سبب أصول الفتن المذكورة، وسيأتي ذكر بقية ما جرى لتقي الدِّين ابن التيمية في سنة ست وسبع مائة إن شاء الله تعالى. (٩/ ١٤٣ - ١٤٥).

ذكر سنة ست وسبع مائة

وفيها في آخر يوم من شهر رمضان المعظم، أحضر الأمير سيف الدِّين

<<  <   >  >>