للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحلف في الطلاق، ومسألة أن الطلاق الثلاث لا يقع إلا واحدة، وأن الطلاق في الحيض لا يقع، وصنف في ذلك تواليف لعلّ تبلغ أربعين كراسًا، فمُنع لذلك من الفتيا، وساس نفسَه سياسةً عجيبةً، واستبدَّ برأيه، وعسى أن يكون ذلك كفارة له، فالله يؤيده بروحٍ منه ويوفقه لمراضيه.

وهو الآن يُلقي الدَّرْس، ويُقرئ العلم، ولا يُفتي إلا بلسانه، ويقول: لا يسعني أن أكتمَ العلم. وله إقدام و (١) شهامة وقوة نفسٍ توقعه في أمور صعبة، ويدفع الله عنه. وله نظمٌ قليل وسط، ولم يتزوج ولا تسرَّى، ولا له من المعلوم إلا شيء قليل، وأخوه يقوم (٢) بمصالحه، ولا يطلب منهم غداء ولا عشاء في غالب الوقت.

وما رأيت في العالم أكرم منه، ولا أفرغَ منه عن الدينار والدرهم، بل لا يذكره، ولا أظنه يدور في ذهنه. وفيه مروءةٌ وقيام مع أصحابه، وسَعْي في مصالحهم. وهو لونٌ عجيبٌ، ونبأٌ غريب.

وهذا الذي ذكرتُ من سيرته فعلى الاقتصاد، وإلا فحوله أُناسٌ من الفضلاء يعتقدون فيه وفي علمه وزهده ودينه وقيامه في نصر الإسلام بكل طريقٍ أضعاف ما سُقت. وثَمّ أناس من أضداده يعتقدون فيه وفي علمه، لكن يقولون: فيه طيشٌ وعجَلَةٌ وحدّة ومحبة للرياسة. وثَمّ أناس ــ قد علم الناس قلة خيرهم وكثرة هواهم ــ ينالون منه سبًّا وتكفيرًا، وهم إما متكلمون، أو من


(١) «إقدام و» ليست في (م).
(٢) في المطبوع «وإخوة تقوم ... ». والعبارة في «تتمة المختصر»: (٤٠٩ ــ من كتابنا هذا): «وكان أخوه يقوم بمصالحه». وهي تؤيد ما ما في الأصل الخطي.

<<  <   >  >>