للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدد أيام معرفته، ما مثله إلا كما يقال: ما سَلّم حتى ودّع (١). فهو لا يزالُ يجد الرَّوح والراحة إذا هبّت النسمات الشامية، ومرّت النفحات الدمشقية، ويتسلّى بوجود الأعيان من المصاحبين له والمعاصرين، ويشتاق الإخوان الآخذين عنه المُقلِّين والمُكثرين.

والحضرة العلية ــ ولله الحمد ــ بحرٌ خِضَمّ لا يُدْرك قرارُه، ولا ينتهي إلى ساحله من ظهر له شعاره، قد خُصَّ بالمواهب الجليلة من فنون العلوم والأعطيات الجزيلة التي يعترف بها الخصوم، وله اختصاصٌ عظيم بإمام الدنيا ــ رحمه الله ــ، ومكارمه على المستفيدين والطلبة وإحسانه إليهم يُغني شهرتُه عن الشرح، مع ما سَبَق من الإنعام وتعديد الفضائل والتفضُّلات الموجبة لرسوخ الوداد، مما لا يتسع له كتاب. فجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء، وجزاؤه لا يعادله شيءٌ من الأشياء.

وأما ما ذكره (٢) من حال إمام الدنيا ــ رحمه الله وفسح في مُدَّتكم ــ فما هي إلا قطرة من بحرٍ ينطوي عليه الباطن، والدلائل (٣) المعرِّفة بحاله كما ينبغي شهادةُ الفطرة قبل الوقوف على بحوثه الأصول التي أصّلها، ونفورُ الباطن جدًّا عن تحريفات النصوص التي توجد في أيدي النُظار، واحتراقُ الباطن على ما جرى في دين الإسلام من التبديل، وشدَّةُ الاعتناء بالوقوف


(١) ومنه قول علي بن جبلة:
كابد الأهوال في زورته ... ثم ما سلَّم حتى ودّعا
انظر «زهر الآداب»: (٣/ ٨٠٠).
(٢) كذا، ولعلها: «ما ذكرته».
(٣) الأصل: «والداء» ولا معنى لها.

<<  <   >  >>