للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غيبته، فتألم النائب لذلك، ونادى في البلد: أن لا يتكلم أحد في العقائد، ومن تكلم في ذلك حلّ ماله ودمه ونُهبت داره وحانوته، فسكنت الأمور.

وقد رأيت فصلًا من كلام الشَّيخ تقي الدِّين في كيفية ما وقع في هذه المجالس الثلاثة من المناظرات.

ثمَّ عُقِد المجلس الثالث في سابع شعبان بالقصر، واجتمع الجماعة على الرضى بالعقيدة المذكورة. وفي هذا اليوم عزَل ابنُ صصري نفسه عن الحكم بسبب كلام سمعه من بعض الحاضرين في المجلس المذكور، وهو الشَّيخ كمال الدِّين ابن الزَّمْلَكاني، ثمَّ جاء كتاب السلطان في السادس والعشرين من شعبان فيه إعادة ابن صصري إلى القضاء، وذلك بإشارة المنبجي، وفي الكتاب: إنا كنا رسمنا بعقد مجلس للشيخ تقي الدِّين ابن تَيْمِيَّة، وقد بلغنا ما عقد له من المجالس، وأنَّه على مذهب السلف، وإنما أردنا بذلك براءة ساحته مما نسب إليه. ثمَّ جاء كتاب آخر في خامس رمضان يوم الاثنين وفيه الكشف عمَّا كَانَ وقع للشيخ تقي الدِّين ابن تَيْمِيَّة في أيام جاغان، والقاضي إمام الدِّين القزويني، وأن يحمل هو والقاضي ابن صصري إلى مصر. فتوجها على البريد نحو الديار المصرية، وخرج مع الشَّيخ خلق من أصحابه وبكوا وخافوا عليه من أعدائه، وأشار عليه نائب السلطنة الأفرم بترك الذهاب إلى مصر، وقال له: أنا أكاتب السلطان في ذلك وأصلح القضايا. فامتنع الشَّيخ من ذلك وذكر له أنَّ في توجهه لمصر مصلحة كبيرة، ومصالح كثيرة. فلما توجّه لمصر ازدحم الناس لوداعه ورؤيته، حتَّى انتشروا من باب داره إلى قرب الجسورة، فيما بين دمشق والكسوة، وهم ما بين باكٍ وحزين ومتفرّج ومتنزّه ومُزاحم مُتغالٍ فيه.

<<  <   >  >>