للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما كَانَ يوم السبت دخل الشَّيخ تقي الدِّين غزة، فعمل بجامعها مجلسًا عظيمًا، ثمَّ رحلا معًا إلى القاهرة والقلوبُ معه وبه متعلّقة. فدخلا مصر يوم الاثنين الثَّاني والعشرين من رمضان، وقيل إنّهما دخلاها يوم الخميس.

فلما كَانَ يوم الجمعة بعد الصلاة عُقد للشيخ تقي الدِّين مجلس بالقلعة اجتمع فيه القُضاة وأكابر الدولة. وأراد أن يتكلّم على عادته، فلم يُمكّن من البحث والكلام. وانتُدب له الشمس ابن عدلان خصمًا احتسابًا، وادّعى عليه عند ابن مخلوف المالكي أنَّه يقول: إنّ الله فوق العرش حقيقةً، وأنّ الله يتكلم بحرف وصوت. فسأله القاضي جوابه. فأخذ الشَّيخ في حمد الله والثناء عليه، فقيل له: أجبْ، ما جئنا بك لتخطب. فقال: ومَن الحاكم فيَّ؟ فقيل له: القاضي المالكي. فقال له الشَّيخ: كيف تحكم فيَّ وأنت خصمي؟ فغضب غضبًا شديدًا، وانزعج، وأقيم مرسَّمًا عليه، وحُبس في بُرْج أيامًا، ثمَّ نُقل منه ليلة العيد إلى الحبس المعروف بالجب، هو وأخواه شرف الدِّين عبد الله، وزين الدِّين عبد الرَّحمن.

وأما ابن صصري فإنّه جُدّد له توقيع بالقضاء بإشارة المنبجي شيخ الجاشنكير حاكم مصر. وعاد إلى دمشق يوم الجمعة سادس ذي القعدة والقلوبُ له ماقتة، والنفوس منه نافرة. وقرئ تقليده بالجامع. وبعده قُرئ كتابٌ فيه الحطُّ على الشَّيخ تقيّ الدِّين ومخالفته في العقيدة، وأن ينادي بذلك في البلاد الشامية، وألزم أهل مذهبه بمخالفته. وكذلك وقع بمصر، قام عليه جاشنكير، وشيخه نصر المنبجي، وساعدهم جماعة كثيرة من الفقهاء والفقراء، وجرت فتنٌ كثيرة منتشرة، نعوذ بالله من الفتن!

<<  <   >  >>