للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتقريب ذلك أنَّه عبارة عمن أمكنه الحضور من أهل البلد وحواضره، ولم يتخلف من الناس إلا القليل من الصِّغار والمخدّرات، وما علمتُ أحدًا من أهل العلم إلَّا النفر اليسير تخلّف عن الحضور في جنازته، وهم ثلاث أنفس: وهم ابن جملة، والصدر، والقحفازي، وهؤلاء كانوا قد اشتهروا بمعاداته من الناس خوفًا على أنفسهم، بحيث أنهم علموا متى خرجوا قُتلوا وأهلكهم الناس، وتردد شيخنا الإمام العلامة برهان الدِّين الفزاري إلى قبره في الأيام الثلاثة، وكذلك جماعة من علماء الشافعية، وكان برهان الدِّين الفزاري يأتي راكبًا على حماره وعليه الجلالة والوقار - رحمه الله -.

وعُملت له ختمات كثيرة، ورُئيَتْ له مناماتٌ باهرة صالحة عجيبة، ورُثي بأشعار كثيرة وقصائد مطوّلة جدًا. وقد أفردتْ له تراجمُ كثيرة، وصنف في ذلك جماعة من الفضلاء وغيرهم، وسنحصر من مجموع ذلك ترجمة وجيزة في ذكر مناقبه وفضائله وشجاعته وكرمه ونصحه وزهادته وعبادته وعلومه المتنوعة الكثيرة المجودة وصفاته الكبار والصغار، الَّتي احتوت على غالب العلوم ومفرداته في الاختيارات الَّتي نَصَرَها بالكتاب والسنة وأفتى بها.

وبالجملة؛ كَانَ - رحمه الله - من كبار العلماء وممن يخطيء ويُصيب، ولكن خطأه بالنسبة إلى صوابه كنقطة في بحر لُجّي، وخطأه أيضًا مغفور له كما في «صحيح البخاريّ»: «إذا اجتهد الحَاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر» فهو مأجور. وقال الإمام مالك بن أنس: كل أحد يؤخذ من قوله ويُترك إلّا صاحبَ هذا القبر.

وسنفرد له ترجمة على حدة إن شاء الله تعالى. (١٤/ ١٤١ - ١٤٥).

* * * *

<<  <   >  >>