للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد خرج عسكر ورجع ــ ركب ابنُ تَيْمِيَّة خَيل البريد إلى مصر فدخل قلعة الجبل في اليوم الثامن من خروجه من دمشق، وذلك في شهر جمادى الأولى، وحضّ على الجهاد في سبيل الله وأغلظ في القول. واجتمع بالسلطان وأركان الدولة. وأنزل بالقلعة ورُتّب له في كل يوم دينار ومحفيَّة (١)، وبعَثَ إليه السلطان بَقْجة قُماش. فلم يقبل من ذلك شيئًا. ثمَّ عاد إلى دمشق وقد حرّض الدولة على قتال التَّتار.

فلمّا كَانَ أوّل ذي القعدة سنة إحدى وسبعمائة، قام عليه جماعة وسألوا الأمير أيبك الأفرم نائب دمشق مَنْعَه مِمَّا يتعاطاه من التعزير وإقامة الحدود. وكان قد حلق رؤوسًا وضرب جماعة. ثمَّ سكنت القضيّة.

وفي شهر رجب سنة ثلاث وسبعمائة، أحضر ابنُ تَيْمِيَّة إبراهيم القطّان صاحب الدلق الكبير، وقصّ أظفاره وشعره المفتّل وشاربه المسبل، وأمره بترك الصياح والفحش وأكل الحشيشة وتركِ لباس الدلق الكبير، وفتقه، وكان فيه قطع كثيرة من بسط وعبيّ. وفي سابع عشر أحضر الشَّيخ محمد البلاسيّ فتاب على يده، وأشهد عليه بترك المحرّمات واجتنابها، وأنَّه لا يخالط أهل الذّمّة ولا يتكلّم في تعبير الرؤيا ولا في شيءٍ من العلوم بغير معرفة. وكتب عليه بذلك مكتوبًا.

وفي يوم الإثنين سادس عشريه، حضر، ومعه عدّة من الحجّارين، وقطع الصخرة الَّتي بجوار مصلّى دمشق حتَّى زالت، وأراح الناس من أمرها، فإنها كانت تزارُ وينذرها الناس ويتبرّكون بها.


(١) كذا بالأصل.

<<  <   >  >>