للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعمال التي ميزت بينهما؟ وعبودية القلب أعظم من عبودية الجوارح، وأكثر وأدوم، فهي واجبة في كل وقت» (١).

وقال أيضًا: لو نفع العلم بلا عمل لما ذمّ الله سبحانه أحبار أهل الكتاب، ولو نفع العمل بغير إخلاص لما ذم المنافقين (٢).

والإِخلاص شرط لقبول العمل، فإن العمل لا يُقبل إلا بشرطين:

أولاً: أن يكون العمل موافقًا لما شرعه الله في كتابه، أو بيَّنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» (٣).

ثانيًا: أن يكون العمل خالصًا لوجه الله تعالى.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» (٤).

ومصداق ذلك قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠].

والإِخلاص هو الأساس في قبول الدعاء، قال تعالى: {فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ} [غافر: ١٤].


(١) بدائع الفوائد (٣/ ٣٣٠) نقلاً عن كتاب الإخلاص والشرك الأصغر ص: ٥.
(٢) الفوائد ص: ٦٦.
(٣) صحيح البخاري برقم (٢٦٩٧)، وصحيح مسلم برقم (١٧١٨) واللفظ له، طبعة بيت الأفكار الدولية.
(٤) صحيح البخاري برقم (١)، وصحيح مسلم برقم (١٩٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>