للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَوْمِي، بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، فَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ رَطْبٌ، فَنَظَرَ إِلَيهِ، فَظَنَنتُ أَنَّ لَهُ فِيهِ حَاجَةً، قَالَت: فَأَخَذْتُهُ فَمَضَغتُهُ، وَنَفَضْتُهُ، وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَيهِ، فَاسْتَنَّ كَأَحْسَنِ مَا رَأَيْتُهُ مُسْتَنًّا قَطُّ، ثُمَّ ذَهَبَ يَرْفَعُهُ إِلَيَّ، فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذْتُ أَدْعُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بِدُعَاءٍ كَانَ يَدْعُو لَهُ بِهِ جِبْرِيلُ عليه السلام وَكَانَ هُوَ يَدْعُو بِهِ إِذَا مَرِضَ، فَلَمْ يَدْعُ بِهِ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ، فرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ وقَالَ: «الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، الرَّفِيقِ الْأَعْلَى»، يَعْنِي وَفَاضَتْ نَفْسُهُ، فَالحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا» (١).

قال حسان بن ثابت رضي اللهُ عنه في مدح عائشة:

حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنُّ بِرِيبةٍ ... وتُصبح غَرثَى من لُحُوم الغَوافِل (٢)

عَقِيلة (٣) حَيِّ مِن لُؤَيِّ بن غَالِبٍ ... كِرَام المَسَاعِي مَجْدُهُم غَيرُ زَائِل

مُهَذَّبَةٌ (٤) قَدْ طَيَّب اللَّهُ خَيمها ... وطَهَّرَها مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَبَاطِلٍ

فَإنْ كُنْتُ قَدْ قُلْتُ الذي قَدْ زَعمتُمُ ... فَلا رفَعَتُ سَوْطِي إلى أَنَامِلي (٥)

وَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيتُ ونُصْرَتي ... لآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنُ المَحَافِلِ (٦)


(١) (٤٠/ ٢٦١ - ٢٦٢) برقم ٢٤٢١٦ وقال محققوه إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٢) الحصان هنا: العفيفة، والرزان: اللازمة موضعها التي لا تتصرف كثيراً، ما تزن: أي ما تُتهم، وغرثى: أي جائعة، والغوافل: جمع غافلة. ومعنى هذا الكلام أنها كافة عن أعراض الناس.
(٣) العقيلة: الكريمة، والمساعي: جمع مسعاة، وهو ما يسعى فيه من طلب المجد والمكارم.
(٤) مهذبة: أي صافية مخلصة، والخيم: الطبع والأصل.
(٥) الأنامل: أطراف الأصابع، وقد يعبر بها عن الأصابع كلها.
(٦) المحافل: جمع محفل وهو المكان الذي يجتمع فيه الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>