للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت رضي اللهُ عنها عالمة بأنساب العرب، وأشعارها، فقيهة، يرجع إليها كبار الصحابة ويستفتونها، قال الزهري: لو جمع علم الناس كلهم وأمهات المؤمنين لكانت عائشة أوسعهم علماً، وكانت عالمة بالطب، قال هشام بن عروة: ما رأيت أحداً أعلم بالطب من عائشة، فقلت: يا خالة: ممن تعلمت الطب، قالت: كنت أسمع الناس ينعت بعضهم لبعض فأحفظه.

وكانت من أكرم أهل زمانها، ولها في السخاء أخبار كثيرة، أرسل لها معاوية رضي اللهُ عنه مئة ألف درهم فما غربت شمس ذلك اليوم وعندها منه شيء (١).

وكانت شديدة التواضع، روى البخاري في صحيحه من حديث ابن أبي مليكة: «أنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ اسْتَاذَنَ عَلَى عَائِشَةَ قَبْلَ مَوْتِهَا وَهِيَ مَغْلُوبَةٌ قَالَتْ: أَخْشَى أَنْ يُثْنِيَ عَلَيَّ، فَقِيلَ: ابْنُ عَبَّاسٍ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَمِنْ وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَتْ: ائْذَنُوا لَهُ، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ، قَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ، قَالَ: فَأَنْتِ بِخَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ، وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ خِلَافَهُ، فَقَالَتْ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَثْنَى عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا» (٢).

وقد دُفنت بالبقيع بالمدينة سنة سبع وخمسين من الهجرة وذلك في الليلة السابعة عشر من شهر رمضان بعد الوتر، فأمرت


(١) سير أعلام النبلاء (٢/ ١٨٥ - ١٨٧).
(٢) برقم ٤٧٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>