للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللهُ عنه فقال: يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة فرفعتها إلى الله تعالى قبل أن أرفعها إليك، فإن قضيتها حمدت الله وشكرتك، وإن لم تقضها حمدت الله وعذرتك، فَقَالَ عَلِيٌّ: اكْتُبْ حَاجَتَكَ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى ذُلَّ السُّؤَالِ فِي وَجْهِكَ، فَكَتَبَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: عَلَيَّ بِحُلَّةٍ فَأُتِيَ بِهَا فَأَخَذَهَا الرَّجُلُ فَلَبِسَهَا ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

كَسَوتَنِي حُلَّةً تَبلَى مَحَاسِنُهَا

فَسَوفَ أَكسُوكَ مِن حُسنِ الثَّنَا حُلَلًا

إِن نِلتَ حُسنَ ثَنَائِي نِلتَ مَكرُمَةً

وَلَستُ أَبغِي بِمَا قَد قُلتُهُ بَدَلًا

إِنَّ الثَّنَاءَ لَيُحيِي ذِكرَ صَاحِبِهِ

كَالغَيثِ يُحيِي نِدَاهُ السَّهلَ وَالجَبَلَا

لَا تَزهَدِ الدَّهرَ فِي خَيرٍ تُوَافِقُهُ

فَكُلُّ عَبدٍ سَيُجزَى بِالَّذِي عَمِلَا

قَالَ عَلِيٌّ: عَلَيَّ بِالدَّنَانِيرِ، فَأُتِيَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَدَفَعَهَا إِلَيهِ، فَقَالَ الأُصبُعُ: يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ حُلَّةٌ وَمِائَةُ دِينَارٍ، قَالَ: نَعَم.

قال الذهبي عن شيخ الإسلام رحمه الله ابن تيمية: «وله محبون من العلماء، والصلحاء، ومن الجند، والأمراء، ومن التجار والكبراء وسائر العامة تحبه؛ لأنه منتصب لنفعهم ليلًا ونهارًا، بلسانه وقلمه» (١).

وذكر أحد المشايخ نقلًا عن كاتب الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله أن الشيخ كان يترك صيام النافلة في بعض الأيام ويقول: لأنه يضعفني عن القيام بحوائج الناس، فالصيام نفعه للشيخ


(١) «الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية» (ص: ٦٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>