للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَوَلَّى}، يعني: أبا جهل {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}، إلى قوله: {كَلَاّ لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب} (١).

وفي رواية عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، لآتِيَنَّهُ حَتَّى أَطَأَ عَلَى عُنُقِهِ، قَالَ: فَقَالَ: «لَوْ فَعَلَ لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عِيَانًا» (٢).

قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى}، أي: فما ظنك إن كان هذا الذي تنهاه على الطريق المستقيمة في فعله {أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى} بقوله وأنت تزجره وتتوعده على صلاته، ولهذا قال: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}، أي: أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه، ويسمع كلامه، وسيجازيه على فعله أتم الجزاء؟ !

«ثم قال تعالى متوعدًا ومتهددًا: {كَلَاّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَة}، أي: لئن لم يرجع عما هو فيه من الشقاق والعناد، {لَنَسْفَعًا} أي: لنأخذن، بالناصية: وهي شعر مقدم الرأس، وقد يعبر بها عن جملة الإنسان، كما يقال هذه ناصية مباركة إشارة إلى جميع الإنسان، وخصَّ الناصية بالذكر على عادة العرب فيمن أرادوا إذلاله وإهانته أخذوا بناصيته، وهل المراد الأخذ بالناصية في الدنيا أو في الآخرة يجر بناصيته إلى النار؟ يحتمل هذا وهذا، وقد أُخذ بناصيته في يوم بدر حين قُتْل مع من قُتْل من المشركين ويحتمل أن يكون يؤخذ بناصيته يوم القيامة فيقذف في النار، كما قال الله تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ


(١) برقم (٢٧٩٧).
(٢) مسند الإمام أحمد (٤/ ٩٨ - ٩٩) برقم (٢٢٢٥)، وقال محققوه: صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>