للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مكان التعزية، فإنها تكون في أي مكان لقي فيه المسلم أخاه، فيعزي المسلم أهل المصاب في أي مكان قابلهم فيه، سواء في المسجد عند الصلاة على الجنازة أو في المقبرة أو في الشارع أو السوق أو في منزلهم، أو يتصل بهم بالهاتف، ويستحب أن يُعد لأهل الميت طعامًا يبعث به إليهم، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ، أَوْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» (١).

وقد سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، يقول السائل:

اعتاد أهل بلادنا الجلوس للتعزية عند وفاة شخص منهم أسبوعًا أو أكثر، وغلوا في ذلك، فأنفقوا كثيرًا من الأموال في الذبائح وغيرها، وتكلف المعزون فجاءوا وافدين من مسافات بعيدة، ومن تخلف عن التعزية خاضوا فيه ونسبوه إلى البخل، وإلى ترك ما يظنونه واجبًا، فأفتونا في ذلك.

فكان الجواب: التعزية مشروعة، وفيها تعاون على الصبر على المعصية، ولكن الجلوس للتعزية على الصفة المذكورة واتخاذ ذلك عادة لم يكن من عمل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن من عمل أصحابه، فما اعتاده الناس من الجلوس للتعزية حتى ظنوه دينًا، وأنفقوا فيه الأموال الطائلة، وقد تكون التركة ليتامى، وعطلوا فيه مصالحهم، ولاموا فيه من لم يشاركهم ويفد إليهم كما يلومون من ترك شعيرة إسلامية، هذا من البدع المحدثة التي ذمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عموم قوله: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا


(١). مسند الإمام أحمد (٣/ ٢٠٨) برقم ١٧٥١، وقال محققوه: إسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>