للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب: «مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّه وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى» (١).

ويشرع رد السلام على الكافر الذي ابتدأ به لعموم قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦]. هذا إن كان اللفظ صريحًا واضحًا بالسلام، أما إن تلاعبوا بالألفاظ بقصد السخرية والحقد، فيقال: وعليكم، روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمُ الْيَهُودُ، فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمُ: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقُلْ: وَعَلَيْكَ» (٢).

وإذا مر المسلم على جماعة فيها مسلمون وكفار، فيجوز السلام عليهم ويقصد بذلك المسلمين، ففي صحيح البخاري من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-: «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَى أَخْلاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ، وَالْيَهُودِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ» (٣). قال ابن حجر -رحمه الله-: «يؤخذ منه جواز السلام على المسلمين إذا كان معهم كفار، وينوي حينئذ بالسلام على المسلمين» (٤).

وإذا كان لا يجوز ابتداء الكافر بالسلام، فهل يجوز ابتداؤه بتحية غير السلام، كصباح الخير، أو أهلًا وسهلًا .. وغيرها من العبارات، الصحيح أنه يجوز ابتداؤهم بتحية غير السلام وهو اختيار ابن تيمية، والنهي الوارد إنما هو في السلام الذي معناه


(١). صحيح البخاري برقم (٧)، وصحيح مسلم برقم (١٧٧٣).
(٢). برقم (٦٢٥٧)، والسام هو الموت.
(٣). برقم (٤٥٦٦).
(٤). فتح الباري (٨/ ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>