للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكلمة الخامسة والخمسون: الخشوع في الصلاة]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:

قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: ١ - ٢] فلما ذكر بقية صفاتهم ذكر جزاءهم فقال: {أُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: ١٠ - ١١].

قال الحسن البصري رحمه الله في قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} قال: كَانَ خُشُوْعُهُمْ فِيْ قُلُوْبِهِمْ فَغَضُّوا بِذَلِكَ أَبْصَارَهُمْ وَخَفَضُوا لِذَلِكَ الجَنَاحَ (١).

قال ابن القيم: علق الله فلاح المصلين بالخشوع في صلاتهم، فدل على أن من لم يخشع فليس من أهل الفلاح، ولو اعتد له بها ثوابًا لكان من المفلحين (٢).

والخشوع يأتي بمعنى لين القلب ورقته وسكونه، فإِذا خشع القلب تبعه خشوع الجوارح لأنها تابعة له، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَلَا وَإِنَّ فِيْ الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلبُ» (٣).


(١) تفسير ابن كثير (١٠/ ١٠٧).
(٢) مدارج السالكين (١/ ٥٢٦).
(٣) قطعة من حديث في صحيح البخاري برقم (٥٢)، وصحيح مسلم برقم (١٥٩٩) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>