للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المشركين واليهود والنصارى، ذكر حال المؤمنين الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بأبدانهم، فأخبر أنهم خير البرية، وقد استدل بهذه الآية أبو هريرة وطائفة من العلماء على تفضيل المؤمنين من البرية على الملائكة لقوله {أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}.

قوله تعالى: {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} جمعها لاختلاف أنواعها، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عن الجنات: «جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، وَآنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، وَآنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا» (١).

وإلى هذا يشير قول الله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)} [الرحمن:٤٦]، ثم ذكر أوصاف هاتين الجنتين، ثم قال -سُبْحَانَهُ-: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢)} [الرحمن: ٦٢]. والجنات التي ذكرها جزاء للمؤمنين العاملين الصالحات، هي عبارة عن منازل عظيمة أعدها الله - عز وجل - للمؤمنين المتقين، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ولا يمكن لإنسان في الدنيا أن يتصور كيف نعيم الآخرة أبدًا، لأنه أعلى وأجل مما يتصور، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء، لكن الحقائق تختلف اختلافًا عظيمًا.

ثم قال -عز وجل -: {جَنَّاتُ عَدْنٍ} العدن بمعنى الإقامة في المكان وعدم النزوح عنه، ومن تمام نعيم أهل الجنة أن كل واحد منهم


(١). صحيح البخاري برقم ٤٨٧٨، وصحيح مسلم برقم ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>