للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الأدلة على أهمية الصبر أن الله أمر به رسوله أول ما أَوْحَى إِليه، وأمره بالإِنذار، فقال: {يَاأَيُّهَا المُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر: ١ - ٧].

وفي قوله: ولربك فاصبر إشارة إلى إخلاص الصبر لله تعالى، لا ليُقال صبور، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ} [الرعد: ٢٢] الآية.

قال بعض السلف: (عجبًا للصبر تداوى به الأَشياء ولا يُداوى بشيء). وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» (١).

روى مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وَالْصَّبْر ضِيَاءٌ» (٢) وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا بِالْصَّبْرِ (٣).

وقال علي - رضي الله عنه -: إن الصبر من الإِيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ثم رفع صوته فقال: ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له (٤).

والصبر هو حبس النفس على الطاعة، وكفها عن المعصية، والرضى بقضاء الله وقدره دون شكوى فيه ولا معه.

قال ابن القيم: «الصبر باعتبار متعلقه ثلاثة أقسام:


(١) جزء من حديث في صحيح البخاري برقم (٦٤٧٠)، وصحيح مسلم برقم (١٠٥٣).
(٢) قطعة من حديث أخرجه مسلم في صحيحه برقم (٢٢٣).
(٣) الدر المنثور (١/ ١٦٣).
(٤) بصائر ذوي التمييز (٣/ ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>