للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا: الصبر في سبيل الدعوة إلى الله، كما قال تعالى: {وَالعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَاّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: ١ - ٣].

وقال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} [الأحقاف: ٣٥].

ومن لوازم الصبر ألا يستطيل الطريق، ولا يستعجل النتائج. روى البخاري في صحيحه من حديث خباب بن الأرت - رضي الله عنه - قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بردته في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: «قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِيْ الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيْهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوْضَعُ عَلَى رَاسِهِ، فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيْدِ ما دُوْنَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِيْنِهِ. وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيْرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَاّ اللهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُوْنَ» (١).

خامسًا: يجب أن يعلم الدعاة وغيرهم أن دعوة الإِسلام دعوة عالمية، يجب أن تنتشر، وأن تبلَّغ إلى الناس جميعًا، في مشارق الأرض ومغاربها؛ لتقوم الحجة على العباد، ولكي تصل دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى كل من بعث إليهم، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَاّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سبأ: ٢٨].

وقد علم الدعاة المصلحون ورثة الرسل هذه الحقيقة، فقاموا وبينوها للناس امتثالاً لأمر ربهم حين قال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَامُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ} [آل عمران: ١٠٤].


(١) صحيح البخاري برقم (٦٩٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>