للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ» (١).

والمراد بالتوبة التوبة النصوح، وهي التي اكتملت شروطها.

أما شروطها فهي: الإقلاع عن الذنب، الندم على فعله، العزم على أن لا يعود إليه، وزاد آخرون: الإخلاص لله في التوبة، لا خوفًا من سلطان، أو حياء من إنسان، أو غير ذلك، وإنما رجاء ثوابه وخوفًا من عقابه، فإن كان الذنب مرتبطًا بحق آدمي فلا بد من شرط رابع، وهو أن يبرأ من حق صاحبها.

ويشترط للتوبة ثلاثة شروط:

الأول: أن تكون التوبة قبل الغرغرة، أي قبل حشرجة الروح في الصدر عند دنو الأجل، وحضور الموت، لقوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: ١٧ - ١٨].

روى الترمذي في سننه من حديث عبد الله بن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِن اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَم يُغَرْغِرْ» (٢).

الثاني: أن تكون قبل طلوع الشمس من مغربها، كما قال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَاّ أَنْ تَاتِيَهُمُ المَلَائِكَةُ أَوْ يَاتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَاتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَاتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} [الأنعام: ١٥٨].


(١) صحيح البخاري برقم (٦٣٠٨)، وصحيح مسلم برقم (٢٧٤٧).
(٢) برقم (٣٥٣٧) وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (٣/ ١٧٥) برقم (٢٨٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>