للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعصية واحدة أخرجت آدم من الجنة، قال الشاعر:

تَصِلُ الذُّنُوبَ إِلَى الذَّنُوبِ وتَرْتَجي ... درك الجنان بها وفوز العابد

وَنَسِيت أَنَ الله أَخْرَج آدَما ... مِنْهَا إلى الدنيا بِذَنْب وَاحِد

قال الأوزاعي رحمه الله: «لَا تَنْظُر إِلَى صِغَرِ المَعْصِيَةِ، وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى عَظَمَةِ مَنْ عَصَيْتَ».

ومن عقوبات المعاصي - وهي كثيرة، ذكرها ابن القيم في كتابه «الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي» - فمنها:

أولاً: أنها تورث الذل لصاحبها، فإن العز كل العز بطاعة الله، قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فَللهِ العِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: ١٠]. وقال تعالى: {وَللهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨].

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا العِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُفْتَرِينَ} [الأعراف: ١٥٢].

روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وَجُعِلَ الذُّلُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي» (١). وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: «اللهم أعزنا بالطاعة، ولا تذلنا بالمعصية». وقال الحسن البصري رحمه الله: «إِنَّهُم وَإِنْ طَقْطَقَتْ بِهِمُ الْبِغَالُ، وَهَمْلَجَتْ بِهِمُ الْبَرَاذِينُ، إِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ لَفِي قُلُوبِهِمْ، أَبَى اللهُ إِلَاّ أَنْ يُذِلَّ مَنْ عَصَاهُ» (٢). وفي دعاء القنوت: «إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ» (٣) ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه فيه، وله من العز بحسب طاعته، ومن


(١) سبق تخريجه.
(٢) الجواب الكافي (ص: ٥٣).
(٣) سنن الترمذي برقم (٤٦٤)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (١/ ١٤٤) برقمم (٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>