للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ - يَعْنِي سَوْطَهُ - خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَاسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» (١).

وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يُعْطَى قُوَّةَ مِئَةِ رَجُلٍ فِي الأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَالْجِمَاعِ، وَالشَّهْوَةِ» (٢). فقال رجل من اليهود: فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة، قال: فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «حَاجَةُ أَحَدِهِمْ عَرَقٌ يَفِيضُ مِن جِلْدِهِ فإذَا بَطنُهُ قَدْ ضَمَرَ».

قال الشاعر:

وَجَنَّاتُ عَدْنٍ زُخْرِفَتْ ثُمَّ أُزْلِفَتْ ... لِقَوْمٍ عَلَى التَّقْوَى دَوَاماً تَبَتَّلُ

بِهَا كُلُّ مَا تَهْوَى النُّفُوسُ وَتَشْتَهِي ... وَقُرَّةُ عَينٍ لَيْسَ عَنْهَا تَرَحَّلُ

مَلَابِسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَسُنْدُسٌ ... وَإِسْتَبْرَقٌ لَا يَعْتَرِيهِ التَّحَلُّلُ

وَأَزْوَاجُهُم حُورٌ حِسَانٌ كَوَاعِبُ ... عَلَى مِثلِ شَكْلِ الشَّمْسِ بَل هُوَ أَشْكَلُ

يُطَافُ عَلَيهِم بِالَّذِي يَشْتَهُونَهُ ... إِذَا أَكَلُوا نَوْعاً بِآخَرَ بَدَّلُوا

ثانيًا: إن في الجنة أنهارًا وفواكه، ولكنها تختلف عما في الدنيا اختلافًا عظيمًا، لا يمكن أن يدركه الإنسان بحسه في الدنيا، كما قال تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: ١٧]. قال ابن عباس: «لَا يُشبِهُ شَيءٌ مِمَّا فِي الجَنَّةِ مَا فِي


(١) البخاري برقم (٢٧٩٦)، ومسلم برقم (١٨٨٠).
(٢) (٣٢/ ٦٥) برقم (١٩٣١٤) وقال محققوه: حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>