للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الإستشفاء بماء زمزم أموراً عجيبة، واستشفيت به من عدة أمراض فبرئت بإذن الله، وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريباً من نصف الشهر أو أكثر، ولا يجد جوعاً، ويطوف مع الناس كأحدهم، وأخبرني أنه ربما بقي عليه أربعين يوماً، وكان له قوة يجامع بها أهله ويصوم ويطوف مراراً (١). وكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ» (٢).

ومنها ما أنزله الله عز وجل في الأرض من ترابها، ومياهها، وأشجارها، وثمارها، وغير ذلك مما خص الله بعلمه من شاء من عباده.

ثالثًا: أن هذا الشفاء قد يتأخر لحكمة إلهية، رفعًا لدرجات المريض، وتكفيرًا لسيئاته:

قال تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء: ٨٣ - ٨٤]، ذكر بعض المفسرين أنه لبث في مرضه ثمانية عشر عامًا ابتلاء من الله لنبيه، روى الترمذي في سننه من حديث جابر - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَاءِ الثَّوَابَ، لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ» (٣).

ومما نبه عليه بعض أهل العلم أن بعض المرضى إذا أصيبوا بمرض تعلقت قلوبهم بالأسباب، كالمستشفيات، والأطباء، والواجب أن يكون


(١) زاد المعاد (٤/ ٣٦١).
(٢) مصنف عبدالرزاق (٥/ ١١٣) برقم (٩١١٢).
(٣) برقم (٢٤٠٢) وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (٢/ ٢٨٧) برقم (١٩٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>