للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكلمة الرابعة عشرة: الدعاء - آدابه وموانعه -]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:

فإن من أجل الطاعات وأعظم العبادات والقربات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه جل وعلا: الدعاء، لما يتضمن من الاعتراف بعظمة الباري وقوته، وغناه وقدرته، ولما فيه من تذلل العبد وانكساره بين يدي خالقه جل وعلا.

وقد أمرنا الله بالدعاء ووعدنا الإِجابة، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: ١٨٦].

والناس في الدعاء على ثلاثة أحوال: فمنهم من يدعو غير الله وهم المشركون، فإنَّهم وإن أخلصوا الدُّعاء في الشدة فإِنَّ ذلك لا ينفعهم، قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: ٦٥] ويشبههم من بعض الوجوه: المسلم الذي يدعو الله في الشدائد والكرب، فإِذا جاء الرخاء غفل ونسي.

روى الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالْكُرَبِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ» (١).


(١) سنن الترمذي برقم (٣٣٨٢) وقال: هذا حديث غريب وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (٦٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>