للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ» (١).

قال شراح الحديث: الأبهر عرق بالظهر متصل بالقلب، فإذا انقطع مات صاحبه، وهو يشير بذلك إلى ما حصل له في غزوة خيبر عندما جاءته امرأة يهودية، يقال لها: زينب بنت الحارث بشاة مسمومة، وقدمتها للنبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع لقمة في فمه، فلم يستسغها، فرمى بها، ومكث عليه الصلاة والسلام من السنة السابعة إلى السنة الحادية عشرة وهو يعاني من آثار السم الذي يعاوده فترة بعد أخرى (٢).

قال ابن عبد البر: «ثم لما دنت وفاته عليه السلام، أخذه وجعه في بيت ميمونة، فخرج إلى أحد، فصلى عليهم صلاة الميت، ودعا لهم، وكان ذلك بعد ثماني سنوات من استشهادهم» (٣). اهـ، وكان أول ما يشكو في علته الآلام الشديدة في رأسه، فدخل على عائشة رضي الله عنها، فقالت: وارأساه يا نبي الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ، فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ، وَأَدْعُو لَكِ»، فقالت عائشة: واثكلياه، والله إني لأظنك تحب موتي، ولو كان ذاك، لظللت آخر يومك معرسًا ببعض أزواجك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بَلْ أَنَا وَارَاسَاهْ» (٤).

وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسأل في مرضه الذي مات فيه، يقول: «أَينَ أَنَا غَدًا؟ أَينَ أَنَا غَدًا؟ » يريد يوم عائشة، فأذن له أزواجه يكون حيث شاء (٥).

تقول عائشة رضي الله عنها، وهي تحكي مشهد احتضاره عليه السلام: «كَانَ بَيْنَ


(١) برقم (٤٤٢٨).
(٢) صحيح البخاري برقم (٥٧٧٧).
(٣) انظر: الدرر في اختصار المغازي والسير (١/ ٢٦٩).
(٤) صحيح البخاري برقم (٧٢١٧).
(٥) البخاري برقم (٤٤٥٠)، ومسلم برقم (٢٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>