للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحب للناس كلهم المنافسة فيه، ويحثهم على ذلك، وهذا من تمام أداء النصيحة للإخوان؛ فإذا فاقه أحد في فضيلة دينية، اجتهد على لحاقه، وحزن على تقصير نفسه وتخلفه عن لحاق السابقين: لا حسدًا لهم على ما آتاهم اللَّه، بل منافسة لهم وغبطة وحزنًا على النفس، لتقصيرها وتخلفها عن درجات السابقين؛ وينبغي للمؤمن أن لا يزال يرى نفسه مقصرًا عن الدرجات العالية مستفيدًا بذلك أمرين نفيسين: الاجتهاد في طلب الفضائل والازدياد منها، والنظر إلى نفسه بعين النقص؛ وينشأ من هذا: أن يحب للمؤمنين أن يكونوا خيرًا منه، لأنه لا يرضى لهم أن يكونوا على مثل حاله، كما أنه لا يرضى لنفسه بما هي عليه، بل هو يجتهد في إصلاحها.

وقد قال محمد بن واسع لابنه: أَمَّا أبوك فلا كثَّر اللَّه في المسلمين مثله، فمن كان لا يرضى عن نفسه، فكيف يحب للمسلمين أن يكونوا مثله مع نصحه لهم؟ ! بل هو يحب للمسلمين أن يكونوا خيرًا منه، ويحب لنفسه أن يكون خيرًا مما هو عليه (١). اهـ.

قال ابن عباس رضي اللهُ عنهما: «إني لأَمُرُّ على الآية من كتاب اللَّه، فأَوَدُّ أن الناس كلهم يعلمون منها ما أعلم».

وقال الشافعي رحمه الله: «وددت أن الناس تعلَّموا هذا العلم، ولم يُنسَب إليَّ منه شيء».

والحمدُ للَّه رب العالمين، وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وعلى آله وصحبه أجمعين.


(١) جامع العلوم والحكم، ص: ١٤٨ - ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>