للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: السخرية بالعمال المقيمين في هذه البلاد، أو الفقراء وضعفة الناس، واحتقارهم: لأن هذا من الجنسية أو البلد الفلاني؛ روى البخاري في صحيحه من حديث سهل رضي اللهُ عنه قال: مر رجل على رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: «مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟ » قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يُشفع، وإن قال أن يُستمع، قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: «مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟ » قالوا: حري إن خطب أن لا يُنكح، وإن شفع أن لا يُشفع، وإن قال أن لا يُستمع، فقال رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلَ هَذَا» (١)؛ وما يدري هذا الساخر: لعل الذي سخر منه خير وأتقى للَّه منه! قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣].

قال محمود الغزنوي:

فلا تَحْقِرَنَّ خَلقاً مِن الناسِ عَلَّهُ ... وَلِيُّ إِلَهِ العالمينَ وَمَا تَدْرِي

فذو القَدْرِ عِنْدَ اللَّهِ خَافٍ عَنِ الوَرَى ... كَمَاَ خَفِيَتْ عَنْ عِلْمِهِمْ ليلةُ القدرِ

ومنها السخرية بالجيران والأصدقاء والأقارب، وقد يكون الحامل على هذه السخرية والاحتقار: هو الحسد، فقد يبرز بعض الناس عند أقاربه أو أصدقائه: بتجارة أو علم أو دراسة، فيسخرون منه، ويلمزونه في المجالس، ليسقطوه من أعين الناس؛ روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ


(١) ص: ١٠٠٩، برقم ٥٠٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>